25 يوليو 2010
يقول الشاعر: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
نعم، يحتاج كل منا للأمل ليبدأ نهاراً جديداً، أمل بأن القادم أفضل، وأن الحياة في مدها وجزرها ستفتح له آفاقاً جديدة وأبوابًا متسعة ليعبر منها ويواصل مسيرته في مشوار الحياة. ولعل صنع الأمل كان من أبرز مهام الأدباء حين يذكِّرون الفرد والأمة ككل بالمكانة والهدف والقوة النابعة من أعماق النفس، وكل ما يمكن أن يجعل هذه الأمة تتجاوز واقعها المتعب وإحباطاتها وآلامها ومشاعرها السلبية.
ذلك هو دور الأديب، أما دور الصحافي، كاتباً أم محرر أخبار أم مراسلا، بالإضافة إلى نقل ما يجري من أحداث هنا وهناك، فهو تسليط الضوء ووضع الأصابع على موطن الخلل، أي خلل، سعياً لانصراف الجهود من مؤسسات المجتمع وأفراده المعنيين لعلاج هذا الخلل وحل تلك المشكلة.
توجيه الرأي العام عن طريق كشف الحقائق هو أول خطوات التغيير، إذ يتم التحقيق في معطيات هذا الكشف فيما بعد، ثم يتم تغيير موازين القوى بما يتلاءم مع التغيير المطلوب. ولكن هل تضطلع الصحافة فعلاً بهذا الدور عندنا؟
نقول، نعم، للمتابع في السنوات الأخيرة أن يرى الزخم الكمي والنوعي للقضايا التي سلطت الصحافة عليها الضوء، ونجحت في وضع معطياتها على طاولة البحث واتخاذ القرار، ومن ثم إحداث التغيير بما يتناسب وحجم هذه القضايا ووضع العلاجات الملائمة لها.
المقلق هنا أن نسبة الاستجابة المنخفضة من الجهات المعنية، ولو بالتعليق وتوضيح وجهة النظر أو توجيه الشكر للكاتب فضلاً عن إجراء تحقيق في هذه القضايا، تدل على عدم الاهتمام من هذه الجهات، وتؤدي تراكمياً إلى تغيير دور الصحافة من صفارة إنذار بوجود الخلل، إلى متنفس لكل ما هو محبط؛ إذ بإمكان كل حائز على ملكة الكتابة، أن ينفث الهموم من صدره في مقال أو تحقيق، ويلهي نفسه فيه لفترة ويقوم بإلهاء مجموعة كبيرة من القراء معه، ويقومون جميعا بـ “فش خلقهم” حتى حين.
التعبير عن الصحافة بكونها “صحافة بريد القراء” في الوضع الحالي ليس تعبيراً متجنياً ولا مبالغاً، إذ إننا ولكثرة ما نقرأ من مشاكل، ولا أعتقد أن المسؤولين إلا مثلنا بطبيعتهم البشرية، لكثرة هذه المشاكل أخذنا مناعة منها. صارت لا تؤثر فينا بالاستياء.
إن أكبر مشاكل هذه الأيام لا تحصل من القارئ على أي تفاعل، بسبب يأسه من التغيير. وربما صار أكبر رد فعل عندنا هو تقليب الشفتين بامتعاض والانتقال إلى الصفحة التالية.
لقد صار الناس يتنفسون الأمل من إحدى صفحات الجريدة، ويكتئبون من قراءة أخرى. وحتى يحين وقت حل المشكلات بشكل جدي عبر الموازنات، وحتى يعود للسلطة الرابعة دورها المناط بها، يمكنكم قراءة هذا المقال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق