الأحد، 7 أكتوبر 2012

شبكات التدابر الإجتماعي











الأحد 7 أكتوبر 2012


فيما يطلق على مجموعة من المواقع العالمية عنوان شبكات التواصل الإجتماعي مثل الفيسبوك و التويتر و غيرها، إلا أنها باتت تستخدم لأغراض غاية في السوء بشكل غير مسبوق في سواها من برامج التواصل. ففيما استخدمت شبكة الإنترنت عندنا للترفيه بشكل عام و ليس توسعة المدارك و زيادة المعرفة، وجدنا أن مواقع التواصل التي تمكننا من مد الجسور مع الآخرين قد صارت وسائل لبث الفرقة و إشاعة الفتن و المهاجمة الغارقة في الشخصنة مع كل من نختلف معهم في الرأي.
 و بالطبع فإن بث الشائعات و غسيل الأدمغة و توجيه المجاميع و إبراز الخلافات و تعزيزها هي من أهم الأغراض التي استخدمت فيها هذه المواقع، حتى صارت أسماء مستعارة معينة أو شخوص حقيقيون رموزاً للفتن بين الأفراد و الجماعات يزيد رصيدهم الشخصي مع اشتعال الفتن و تفرق المجتمع و استمرار الأزمات.
 نعم، وفرت هذه المواقع بيئة خصبة و مسرحاً مناسباً لظهور الجانب الأسوأ من كل شخص و وضحت لنا  كيف يتحول أشخاص محترمون إلى جهلة لا يحملون أي شئ من حس المسئولية ولا النضج أو الواقعية في مواجهة المواقف و الفترات المصيرية. هذه الفترات التي كنا نأمل أن نجد مجتمعنا يبرز فيها جوانب قوته ووعيه وقدرته على التعايش و التسامح بين الآراء المختلفة، وهو المجتمع الذي كان سابقاً لسواه في التعليم و رائداً في مجالات العمل الأهلي و المسئولية الإجتماعية و النشاطات الثقافية إلا أن كل ذلك بدا أنه لم يبلغ المستوى الكافي لينتج حراكاً يقوم بوأد الفتن و يمنع أن يمتد لهيبها من الأفكار و الآراء ليأتي على الأواصر و العلاقات الإنسانية.
 من الأمور التي تبعث على الأسف وجود حسابات محلية تقوم ببث الكراهية، يحوز الكثير منها على أعداد خيالية من المتابعين من مختلف المستويات الثقافية. و من المؤسف أكثر أن تجد و أنت تتصفح متابعيها العديد من الشخصيات المعروفة و التي كنت تتوسم فيها العقلانية و الإحترام والإعتدال، فتصدم أكثر حين تجد هذه الشخصيات تتواصل مع هذه الحسابات و بلهجة ودية و ربما أخذت تثني على تلك الجهود أو تشد على أيدي هؤلاء الجهلة الذين يقسمون المجتمع و يزرعون في جوانبه وأوساطه البغضاء.
 مما كان يتمناه المرء أن تسهم هذه الشبكات و حضور المسئولين فيها في التواصل مع المواطنين و فتح كوة من التفاهم و بث هموم المواطن بحيث تسهم مشكلة مواطن واحد تصل إلى مسئول في فتح ملف جميع الحالات المشابهة، في أن يكون الإعلام الجديد وسيلة لخلق باب مفتوح يوجه الجهود إلى حل المشكلات المعلقة، أن يوجد قفزة حضارية في مجال الشفافية بحضور المسئول و استعداده للتواصل المباشر مع الناس.
 هل سيأتي يوم تخرج فيه هذه الشبكات بأشخاص و أفكار و مواقف يحملون لنا الأمل بأننا مازلنا بخير، أم ستبقى مكبراً للصوت الذي لا يعلوه صوت و هو صوت المعركة؟

آخر الوحي:
وإنْ دَحَسوا بالشَّرِّ، فاعْفُ تَكَرُّماً
وإنْ غَيَّبوا عنْكَ الحَديثَ ، فلا تَسَلْ
فإنّ الذي يُؤذيكَ مِنْهُ سَماعُهُ
وإنّ الذي قالوا وراءَكَ لَمْ يُقَلْ
 العلاء الحضرمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق