الأربعاء، 24 يوليو 2013

التصوير..أسئلة تبحث عن إجابة





الأربعاء 24 يوليو 2013

المشهد الأول: التصوير عملية مكلفة، هواية غالية، يكتنفها الحذر من الناس، والتحريم من بعض العلماء. يقتصر فيها الناس على حد الضرورة، لا يقتني أدواتها إلا المحترف أو الهاوي المغرم بهذه الهواية.
المشهد الثاني: انفتاح على التصوير، انتشار الاستوديوهات، الكاميرات الفورية والملونة ومن ثم كاميرات الفيديو، مقتنيات لا يخلو منها أي بيت.
المشهد الثالث: الكاميرات جزء من الهواتف النقالة التي بدأ انتشارها قبل بضع سنوات، وها هي تغزو كل يد وتذهب مع صاحبها في كل مكان، جودة تصويرها عالية، الناس تحافظ على نسبة من الحذر في التعامل معها وفي وجودها خاصة في المناسبات الخاصة.
المشهد الرابع: عصر الإنستجرام والواتساب، الكاميرا من أهم أجزاء الهاتف النقال الذي صار بحق نافذة على العالم يمكن من خلالها تداول ونشر المعلومات والصور على أوسع نطاق وبضغطة زر. التصوير التقليدي والطباعة من الصور السلبية تنقرض بلا رجعة ويحل محلها النسخ الإلكترونية التي يسهل تداولها ونقلها وتخزينها وحتى قرصنتها.
وفيما صارت العملية أمراً غير مكلف، وصارت جودة الصور على أعلى مستوى، صار التصوير وتناقل الصور الشغل الشاغل للجميع، لي ولك وله ولها. التصوير بجميع أنواعه، فن، توثيق، تغطية إلى ما شاء الله من أغراض التصوير صار همنا جميعا، فهل رفع من قيمة الصور أم قلل منها؟ هل صارت الخصوصية بنفس القيمة أم صارت أمرا صعبا؟ أو حتى أمرا غير مهم؟ لقد أدركنا منذ سنوات قليلة صالات الأفراح، وهي تمنع دخول الهواتف ذات الكاميرا، فهل مازال الإجراء موجوداً نفسه ولو في بعضها؟ وهل صار الناس وفي المناسبات النسائية يتعاملون ولو بشيء من الغضاضة مع استخدام هذه الهواتف ذات الإمكانات العالية في تصوير مناسبات غيرهم؟!
الاستوديوهات بدورها، وهي التي صارت تحصل اليوم على نسخة كاملة من الصور الفوتوغرافية للزبائن، كيف تتصرف مع النسخة الإلكترونية لهذه الصور بعد طبعها؟ وما هي إجراءات الحماية من الاختراق التي تتخذها، علما بأن الجميع يعلم أن كل ملف يحفظ، يمكن استرجاعه حتى بعد محوه من الجهاز؟
تداول الصور في برامج التواصل عبر حسابات خاصة، وعبر الواتساب للمعارف والأقارب وفي أضيق الحدود، هل هو عملية آمنة، ألا يسبب توفر هذه الصور على الفضاء الإلكتروني إذاعة لما لا نريد أن نذيعه؟
برامج الاتصال عبر مكالمات الفيديو، هل هي قنوات آمنة تحافظ على الخصوصية فعليا أم إنها ليست كذلك؟ ومن يمكنه أن يتناولها أو يتداولها عبر الشبكة العنكبوتية؟
كل هذه التساؤلات ليست محاولة للتشكيك أو بث الرعب أو الوعظ، كل ما في الأمر أن نسق تطور الأمور والتقنيات صار أسرع بكثير من تفكيرنا، هذا التفكير الذي صار هو الآخر يفكر جمعياً. نحتاج للتوقف لحظة وتثقيف أنفسنا حول سبل الأمان والخصوصية إذا كان لهما أهمية بعد الفيسبوك وباقي الربع. أتمنى أن أجد تواصلاً من المختصين يجيب على هذه التساؤلات المشروعة.

آخر الوحي:

فيا فتية الصحف صبرا إذا
نبا الرزق فيها بكم واختلف
فإن السعادة غير الظهور
وغير الثراء وغير الترف
ولكنها في نواحي الضمير
إذا هو باللوم لم يكتنف

أحمد شوقي

الأحد، 21 يوليو 2013

التوجيهات و ديوان السبيل

 
 
 
الأحد 21 يوليو 2013
 
 في زماننا هذا صارت الكتابة سواء في وسائل التواصل أو على مواقع الإنترنت ملجأ لكل من يريد أن يلقي قولاً على الملأ من وراء الستار ويثير ما يشاء من جدل بلا مسؤولية ولا حسيب ولا رقيب، يستخدم من صنوف السباب وأنواع الشتيمة ما لا يتصوره عقل، ولا يتحمله حياء أي وجه، وكل ذلك بفضل القناع الذي يرتديه، ولا شك أنه لا يملك الشجاعة ولا أقول الجرأة ليقول شطر ذلك بوجه مكشوف. وذلك لسبب بسيط، هو ان علم أن الفتنة شر مقيم، إلا أنه يخشى من ألسنة هذه النار أن تصيبه أيضا حين يكشف اسمه. هذا ما يسمى بالكلمة غير المسؤولة.
الفتنة أشد من القتل، لماذا؟ لعل ذلك أن الفتنة ستبيح الدماء وأكثر من الدماء. ستجعل الناس يقتلون بعضهم البعض، فيما القاتل الحقيقي بعيد عن المشهد، وفيما أفكار الناس ومفاهيمهم وأخلاقهم قد اختلت بفضل الفتنة التي أثيرت وأحرقت الأخضر واليابس.
وفي بعض الأحيان فإن الفتنة التي تثار، لا تثار باسم مستعار، بل باسم حقيقي. ويخرج صحافي متحملا تبعة كلامه، لا يفترض حتى بصحيفة أن تتحمل تبعاته، ذلك أنه يتناقض وأبجديات الذوق والأخلاق والإنسانية، فضلا عن أن يصدر من منبر للكلمة المسؤولة، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للكلمة المسؤولة. وفي وقت نجد الدعوة إلى نبذ الطائفية، والحذر من منزلقاتها تتصدر الصحف على رأس تعليمات وتوجيهات القيادة في مانشيتات الصفحة الأولى، بينما تزخر أعمدة الصحيفة بين طياتها باللمز والشتم والسباب، فيا ترى أين محررو الصحف؟ بل أين الجهة الرقابية التي تتابعهم؟ بل أين ذوق القارئ من هذه الخطايا وهل بقي منه شيء؟.
هنا تكمن أزمة بلادنا العربية والإسلامية، بالبون الشاسع بين التعليمات والتوجيهات في المستويات العليا، وبين ترجمة الجهات الوسطى والدنيا لها إلى واقع عملي. هذا البون يشبه ذلك الذي كان في قصة سلطان ولاية “خندريس” وسبيل الماء. فالسلطان الذي كان في زيارة ميدانية لأرض الصيادين حين أصابه العطش، علم بالجهد الجهيد الذي ينال مرتادي الساحل للحصول على الماء، فأمر المسؤولين من فوره بتخصيص سبيل للماء. وبينما كانت كلماته البسيطة تشير إلى مشروع متواضع الكلفة يؤدي غرض سقاية الصيادين، صنع المسؤولون من الموضوع مشروعاً خرافي الحجم والتكلفة وصل تقديرهم لكلفته إلى ما يربو على المئة وعشرين مليون درهم، ثم وصل بفضل خططهم الجبارة لاستحلاب المشروع إلى كارثة أفلست ولاية خندريس، والسبب مشروع بتخصيص كوز ماء يملأ كل يوم ليسقي الصيادين.
وهذا هو الحاصل في بلاد العرب وبكل اسف، المشروعات والتوجيهات المهمة التي تغير الأوضاع جذريا، يتم التعامل معها بوضع علامة N/A أي غير قابل للتنفيذ، لا علاقة لنا به. فيما يسهب ذات المسؤولين في تنفيذ الإجراءات القديمة، التي لا تواكب المتغيرات بل ربما كانت سببا في كثير من المشكلات.
وعودا على بدء، فبربكم حين تكون توجيهات القيادة تتكلم عن نبذ خطاب طائفي وعن تحذير من منزلقاته وبالتأكيد على الوحدة الوطنية والخطاب الجامع، أليست الصحافة معنية بذلك بالدرجة الأولى؟.
حفظ الله البحرين، وأدام عليها الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان وأبعد عنها الشرور والعدوان.
 
آخر الوحي:
فقل للساخطين على الليالي 
 ومن سكنوا على يأس وناموا
سينحسر الضباب عن الروابي 
 ويبدو الورد فيها والخزام
ويصفو جونا بعد انكدار 
 ويسقي أرضنا المطر الرهام
إيليا أبوماضي
 
 
 

الأربعاء، 17 يوليو 2013

الإقتصاد.. المأزق و الحل




الأربعاء 17 يوليو 2013


مما لا يخفى على المتابع للشأن البحريني بين عامي 2011 و2013 التراجع الذي حصل للوضع الاقتصادي، والذي يمكن الاستدلال عليه من خلال مؤشرات عدة من ضمنها تخفيض التصنيف الائتماني والحركة في مؤشر البطالة وإغلاق عدد من الشركات أو تخفيض تمثيلها عبر عمليات إعادة هيكلة أو الانسحاب إلى أسواق خليجية أخرى. وها نحن نسمع بين يوم وآخر أخبار دفعات جديدة من التسريحات العمالية للشركات والبنوك.
الاقتصاد لم يكن بعد قد تعافى من الإصابات التي لحقت به في عامي 2007 و2008، والتي كانت انعكاسات للأزمات المالية العالمية في الائتمان والرهن العقاري وأزمات سببتها بعض المؤسسات الإقليمية إن صح التعبير. و كان المحللون آنذاك يشيرون إلى ضرورة حصول تحالفات واندماجات واستحواذات بين شركات القطاع المالي وقطاعات التطوير العقاري؛ لتحقيق مزيد من القدرة على تجاوز الوضع الصعب في ذلك الحين، إلا أن هذه التغييرات الهيكلية المذكورة قد بدأت فعلياً في الظهور بحرينيا بعد العام 2011 حين وصلت الأزمة الثالثة (أحداث 2011) للعظم بعد أن أذابت الأولى الشحم وأكلت الثانية اللحم (الأزمات المالية).
الاقتصاد المتأزم يزداد وضعه تعقيدا مع كل خبر ينشر وتتمخض عنه الأزمة مبشرة باستمرارها. فالخبر حول الوضع السياسي أو الأمني تختلف قراءته تماماً بالنسبة للمتابعين من خارج البلاد بصورة لا نتخيلها نحن الذين نعيش في البلد متعايشين مع الأزمة ومتابعين للتغييرات الرتيبة فيها. ولكي لا يكون القول على عواهنه، فإنني أذكر ذات يوم كنت مسافراً فيه في رحلة عمل، وسمعت خبرا عن حادثين أمنيين بينما أنتظر إقلاع رحلتي. وريثما وصلت إلى وجهتي والتقيت الزملاء هناك، كانت تساؤلاتهم والمخاوف المرسومة على وجوههم موجهة لي وكأنني قادم من لبنان أو من وسط معارك دمشق. وبالطبع كأي بحريني يرى في نفسه حينها سفيرا لبلده، تجدك تطمئنهم عن البحرين التي تتوالى فيها الفعاليات الرياضية والثقافية، وتؤكد لهم أن التصور المأخوذ من الأخبار لا تجانبه المبالغة أبداً. يسقط في يدك حينها أن يرد عليك محدثك بثقة أنه يستقي ذات الأخبار التي تحمل طابعاً متأزما من قنوات مختلفة في مقدمتها تلفزيونك الرسمي ووسائل إعلامك المحلية. تعجز حينها أن تنقل له عدوى الاطمئنان الذي تحمله، ومن أنك تمارس حياتك اليومية بشكل طبيعي.
ودون إسهاب في عرض المشكلة ونحن نعيش علاماتها وأعراضها كل يوم، وكذلك دون أن أتذاكى في طرح حلول فضائية لأزماتنا عبر حزمة محفزات اقتصادية، أقول إن الحلقة مفرغة يتصل رأسها بذيلها وذيلها برأسها، تعيدنا إلى التساؤل مرارا وتكرارا، هل الوضع الاقتصادي هو سبب لعمق ما نعيشه من أزمة سياسية، أم إن الأزمة السياسية هي من ألقت بظلالها على الاقتصاد؟ هل سنبقى نحاول تعديل شاربنا اليمين مع اليسار، واليسار مع اليمين حتى يختفيا؟ وأيهما جاء أولا وسبب الآخر: البيضة أم الدجاجة؟!
 
آخر الوحي:
 
 
إلام أعاند هذا الزمان
عناد السفينة للزاخر؟
وأدعو وما ثم من سامع
وأشكو ولكن إلى ساخر؟
إيليا أبو ماضي
 
 
 

الأحد، 14 يوليو 2013

شهر الأخوة




الأحد 14 يوليو 2013

لا أدري لماذا طرأ في ذهني أن تكون المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار قد حصلت في شهر رمضان، ربما لأنه الشهر الذي تسمو فيه جميع النفوس وترنو إلى رضا الرحمن وثوابه، ويحدث ذلك عبر تحسس معاناة الآخرين، فيحس الغني بلسعة الجوع التي يحس بها الفقير، ويحيي ذلك الشعور فيه الطمع في مساعدة أخيه ومد يد العون بعدما شاطره ذلك الشعور الذي تفرضه الحاجة.
وبالفعل حين أخذت أقرأ حول هذه الحادثة والمنقبة العظيمة وجدتها بالفعل يؤرخ لها الرواة بشهر رمضان المبارك، وهو الشهر الذي يقدسه المسلمون وترتبط به حوادث عظيمة ومهمة تضيف إلى أهميته النابعة من فرض الصيام. فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وهو شهر ليلة القدر، وهو أيضا شهر الرحمة والمغفرة. حصلت فيه غزوة بدر، وفتح مكة، ووفاة أبي طالب في عام الحزن، وولادة الحسن السبط.
وحين نقول إن هذا الشهر هو الشهر الذي أراد الله له أن يكون شهر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وهم أصحاب الأصول المختلفة والقبائل المتباعدة، فلا يكون عجيبا أن نأمل في هذا الشهر أن يجمع شمل الأخ وأخيه والذين قد قسمتهم أحداث الزمان ومشاكل السياسة، فندعو إلى تصافي القلوب وتقارب النفوس وغسلها من الفتن والخلافات والمشاكل، ليكون شهر المؤاخاة لنا كما كان لمن سبقونا بالإيمان.
في هذا الشهر الكريم تفتح مجالس الذكر الحكيم، ويتزاور الناس بين بعضهم البعض، ويفتح المجال لتجاوز كل ما لا تتمكن من حله نفوس مشحونة بالكراهية، وقلوب مليئة بالشحناء والعصبية، وصدور لا تخجل أن تحمل أحقادا جاهلية.
شهر يكون أفضل أعماله الورع عن محارم الله، لا يمكن أن يكون محلا لتأجيج النفوس وقطيعة الأرحام والخلافات المستمرة بلا طائل.
نعم، الجميع يتأمل الخير من هذا الشهر الكريم؛ ليكون معبرا لحلول تحفظ الأخوة بين المسلمين وتعززها، ويتحقق الاستقرار والرخاء في كل بلاد الإسلام، ليس بهدف المصالح الفردية والفئوية والحزبية، وإنما لأن أهل الإسلام لا يستحقون ما يحصل لهم من ذبح وتشريد ومطاردة، من بني جلدتهم، فتحصل بذلك المؤاخاة التي تذكرنا بوقوف المسلمين وانصهارهم في نسيجهم الاجتماعي الجديد، حين وضع كل رجل من الأنصار ماله وما يملك تحت تصرف أخيه الذي جمعه وإياه الإسلام.
يا ترى هل كبرت نفوسنا عما لم تتكبر عليه أنفس أوائل العصور القديمة، هل عجزنا أن ننبذ الطائفية والفرقة وراء ظهورنا؟ أقول إن هذه الروح غائبة اليوم عنا، رغم أننا معنيون بأمر التآخي كما كان أسلافنا معنيين به في حينها. ذلك أن تجار الفرقة والتمزق، لا يمكن أن يقر لهم قرار وهم يرون آية “واعتصموا بحبل الله جميعا”، ولا يمكن أن يهدأوا حين يجدوننا نتحسس آلام بعضنا البعض ومعاناتنا، بل سيجتهدون لدق أسفين العداوة حتى لو لم يكن موجودا؛ لأنهم لا يستطيعون أن يجمعوا إلا على أساس العداوة، والعداوة فقط.
أحب أن أبشر الطائفيين والمصابين بفوبيا الآخر جميعا، أن شهر رمضان الذي هو شهر الإحسان، يتسابق فيه جميع المؤمنين على اختلاف مللهم للمساعدة في مد يد العون للآخرين. ويمكنكم سؤال كل من لديه أي إلمام بالمجال الخيري ليعرفوا أن المساعدات الخيرية وأعمال البر في بلادنا لا تعرف مكانا للطائفية؛ لأن الزبد يذهب جفاء، والله من وراء القصد.