الأربعاء 17 يوليو 2013
مما لا يخفى على المتابع للشأن البحريني بين عامي 2011 و2013 التراجع الذي حصل للوضع الاقتصادي، والذي يمكن الاستدلال عليه من خلال مؤشرات عدة من ضمنها تخفيض التصنيف الائتماني والحركة في مؤشر البطالة وإغلاق عدد من الشركات أو تخفيض تمثيلها عبر عمليات إعادة هيكلة أو الانسحاب إلى أسواق خليجية أخرى. وها نحن نسمع بين يوم وآخر أخبار دفعات جديدة من التسريحات العمالية للشركات والبنوك.
الاقتصاد لم يكن بعد قد تعافى من الإصابات التي لحقت به في عامي 2007 و2008، والتي كانت انعكاسات للأزمات المالية العالمية في الائتمان والرهن العقاري وأزمات سببتها بعض المؤسسات الإقليمية إن صح التعبير. و كان المحللون آنذاك يشيرون إلى ضرورة حصول تحالفات واندماجات واستحواذات بين شركات القطاع المالي وقطاعات التطوير العقاري؛ لتحقيق مزيد من القدرة على تجاوز الوضع الصعب في ذلك الحين، إلا أن هذه التغييرات الهيكلية المذكورة قد بدأت فعلياً في الظهور بحرينيا بعد العام 2011 حين وصلت الأزمة الثالثة (أحداث 2011) للعظم بعد أن أذابت الأولى الشحم وأكلت الثانية اللحم (الأزمات المالية).
الاقتصاد المتأزم يزداد وضعه تعقيدا مع كل خبر ينشر وتتمخض عنه الأزمة مبشرة باستمرارها. فالخبر حول الوضع السياسي أو الأمني تختلف قراءته تماماً بالنسبة للمتابعين من خارج البلاد بصورة لا نتخيلها نحن الذين نعيش في البلد متعايشين مع الأزمة ومتابعين للتغييرات الرتيبة فيها. ولكي لا يكون القول على عواهنه، فإنني أذكر ذات يوم كنت مسافراً فيه في رحلة عمل، وسمعت خبرا عن حادثين أمنيين بينما أنتظر إقلاع رحلتي. وريثما وصلت إلى وجهتي والتقيت الزملاء هناك، كانت تساؤلاتهم والمخاوف المرسومة على وجوههم موجهة لي وكأنني قادم من لبنان أو من وسط معارك دمشق. وبالطبع كأي بحريني يرى في نفسه حينها سفيرا لبلده، تجدك تطمئنهم عن البحرين التي تتوالى فيها الفعاليات الرياضية والثقافية، وتؤكد لهم أن التصور المأخوذ من الأخبار لا تجانبه المبالغة أبداً. يسقط في يدك حينها أن يرد عليك محدثك بثقة أنه يستقي ذات الأخبار التي تحمل طابعاً متأزما من قنوات مختلفة في مقدمتها تلفزيونك الرسمي ووسائل إعلامك المحلية. تعجز حينها أن تنقل له عدوى الاطمئنان الذي تحمله، ومن أنك تمارس حياتك اليومية بشكل طبيعي.
ودون إسهاب في عرض المشكلة ونحن نعيش علاماتها وأعراضها كل يوم، وكذلك دون أن أتذاكى في طرح حلول فضائية لأزماتنا عبر حزمة محفزات اقتصادية، أقول إن الحلقة مفرغة يتصل رأسها بذيلها وذيلها برأسها، تعيدنا إلى التساؤل مرارا وتكرارا، هل الوضع الاقتصادي هو سبب لعمق ما نعيشه من أزمة سياسية، أم إن الأزمة السياسية هي من ألقت بظلالها على الاقتصاد؟ هل سنبقى نحاول تعديل شاربنا اليمين مع اليسار، واليسار مع اليمين حتى يختفيا؟ وأيهما جاء أولا وسبب الآخر: البيضة أم الدجاجة؟!
آخر الوحي:
إلام أعاند هذا الزمان
عناد السفينة للزاخر؟
وأدعو وما ثم من سامع
وأشكو ولكن إلى ساخر؟
إيليا أبو ماضي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق