الأحد، 16 يناير 2011

سؤال وجيه حول الصناديق

الأحد 16 يناير 2011

في ديسمبر الماضي، تساءل الأستاذ “سعيد الحمد” في زاوية أبعاد في جريدة الأيام تساؤلاً وجيهاً يقول فيه:
“ويبقى السؤال لماذا تمانع وتماطل بعض الصناديق في توفيق أوضاعها وإعلان التحول إلى جمعية وفقا للقرار الوزاري الذي توافقت عليه كل الأطراف بما فيها الصناديق التي تسوف وتطول وتماطل في مسألة التحول ما اضطر الوزارة إلى اتخاذ قرار تجميد وتطبيق قرار منع الصناديق من جمع الأموال كعملية أو آلية ضغط للتحول، ويظل سر الممانعة والمماطلة والتسويف بحاجة إلى كشف ما وراءه من مصالح تحول دون التحول إلى جمعيات”.
بالطبع، وقبل أن نتساءل مع الأستاذ الحمد ونبحث عن إجابة شافية، يجب أن نعطي للقراء نبذة عن موضوع الخلاف بين وزارة التنمية والصناديق الخيرية. فلمدة طويلة ظلت وزارة التنمية تطالب الصناديق بالتحول لجمعيات دون جدوى، فالوزارة تريد تنفيذ المبتغى من دون أن تسهل الموضوع للصناديق.
برزت العقبة الأولى في تكلفة تدقيق الحسابات، حيث طالبت الصناديق وزارة التنمية بتحمل هذه التكلفة، وظلت الوزارة تدير الأفكار حتى قبلت بذلك. من ثم وفي الربع الأخير من عام 2010 استهلت مراسلة الصناديق برسالة شديدة اللهجة تتمثل في تجميد حسابات الصناديق لدى البنوك، ثم أحالتهم إلى شركة التدقيق التي تحملت الوزارة تكاليفها مشكورة.
إلا أن ما قد يخفى على غير المطلع هو السبب الحقيقي لتلكؤ الصناديق عن الالتحاق بركب الجمعيات. فليس هناك بحسب اطلاعي القريب لأحد الصناديق أي سبب يتعلق بالذمة كما ألمح الأستاذ الحمد. وهنا أضع بين يدي القراء نبذة من النظام الأساسي الموحد والمعد سلفاً من الوزارة والذي تعاملت الوزارة فيه مع الصناديق كأنه قرآن منزل، وكأن مجلس الأمناء والجمعية العمومية مجرد مصدقين على النظام الأساسي المهلهل الذي لم تبد الوزارة أي مرونة أو آلية للاتفاق عليه، بل تعاملت بنمط “وقع ثم ناقش”. وبخلاف هذا النظام الذي سنتكلم عليه، فإن التقارير المالية والأوراق كلها قد تم تقديمها للمدققين، حيث لم يكن لذلك الصندوق وإدارته ما يخفيانه عن الوزارة، وإنما كان التعامل بصورة شفافة.
إليكم بعض الفقرات من النظام الأساسي والتي تحفظت بعض الصناديق عليها وسببت تلكؤها في التوقيع على قرار التحول، ففي معرض تحديد أنشطة الجمعية العتيدة يشدد النظام على جعل كل الأنشطة بتنسيق مسبق مع الجهات الحكومية:
- مساعدة المرضى المحتاجين للعلاج في المستشفيات الخاصة بمملكة البحرين، أو خارجها إذا لم يتوافر العلاج داخل المملكة وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة.
- تقديم المساعدة المالية للطلبة المحتاجين؛ لمواصلة دراستهم داخل البلاد وخارجها بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة.
- مساعدة الأسر المحتاجة لبناء المنازل وترميمها حسب الإمكانات المتاحة بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة.
وعلى النسق نفسه تجري جميع مواد النظام الأساسي بما يجعل الصناديق الخيرية جهة تنفيذية تابعة للوزارة. ولا تدري الصناديق إلى الآن كيف ستكون الطبيعة القانونية لعملها، ولا آلية التنسيق مع الوزارة في السعي لتحقيق أهداف إنشائها. هل سيظل الحال على ما هو عليه وسيكون التغيير شكلياً فقط، أم إن طريقة العمل ستتغير لتشل العمل التطوعي أو تجعله أسيراً لبيروقراطية الوزارات بما يتعارض مع أهداف العمل التطوعي الأهلي؟
وهل سيتوجب على الصناديق أو الجمعيات إخطار الوزارة مسبقاً بكل مساعدة ينوون تقديمها بما قد يعطل سير العمل، أم يتم ذلك في تقارير دورية أو سنوية ترسل للوزارة؟
إشكالية النظام الأساسي الجديد يجب أن تعالج مع الصناديق بصورة أكثر مرونة وتواصلاً من آليات تجميد الحسابات و”وقع ثم ناقش”. بل لا بد من إزالة مخاوف إدارات الصناديق من وضع أنفسهم تحت طائلة القانون حين يوقعون على نظام أساسي غير قابل للتنفيذ.
هنا أعود وأقول، ليس هناك ثمة مصالح وراء عدم الانضمام لقانون الجمعيات، والسر الذي يحتاج للكشف حقاً هو، لماذا الإصرار على نظام أساسي مفروض؟ أليس من حق كل جمعية أن تضع نظامها الأساسي الخاص بها؟ ويبقى للدولة حق فرض القانون لا الأنظمة الأساسية الداخلية، ولها أن تلتزم الجمعيات بالعمل وفق حدود القانون.

والله من وراء القصد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق