الأحد 26 أغسطس 2012
قلت من قبل أن هناك انفصاماً ثقافياً نعيشه بين نمط و مدارس الشعر الرائجة و التي تحظى باهتمام الناس و تمس مشاعرهم و بين ما يحظى برعاية وزارة الثقافة. يتجلى ذلك في تولع الناس و تعلقهم بالشعر العمودي فصيحاً و عامياً و استخدامهم له في كافة الفنون و المقامات من إنشاد و تواشيح و مسابقات شعبية و مهرجانات. وفي الضفة الأخرى ما ترعاه الدولة ممثلاً في وزارة الثقافة.
منذ متى شهدنا آخر مهرجان أو مسابقة شعرية برعاية رسمية تحظى بإهتمام عامة الناس و متابعتهم و شغفهم. إذ لا شك أن مسابقات مثل شاعر المليون و أمير الشعراء اللذين تمت إقامتهما في دولة الإمارات العربية المتحدة كانتا آخر برنامجين يستحقان المتابعة في هذا المجال.
الشعر العمودي في البحرين كأي دولة عربية أخرى يحظى بتعلق و متابعة من الجماهير سواء التي تكتب أو تتذوق الشعر. إلا أن مستوى الشعر و حضوره في الإهتمام الرسمي لا يحظى بما يستحقه و بما يشبع الحس الثقافي للشعب.
لو عدنا إلى تاريخ البحرين لوجدنا طرفة بن العبد جالساً على عرش الشعر في البحرين، فيما توجد الكثير من الأسماء اللامعة و الواعدة التي تستحق المطالعة و التشجيع. و يمتد هذا التاريخ بين ذلك الزمان و بين زماننا هذا.
هل نعمل اليوم بنفس النظرية التي تقول أن العربي يستحق الإهتمام و التشجيع بعد أن يشتهر عالمياً أو خارج بلده ثم يموت؟ هل حينها فقط يصير إحياء تراثه واجباً وطنياً، أم أنها كقول الشاعر:
إن الفتى ينكر فضل الفتى
مادام حياً فإذا ما ذهب
لج به الحرص على نكتةٍ
يكتبها عنه بماء الذهب.
بتفويتنا لهذه الرعاية، كم حرمنا الوطن من إشهار و معرفة، و من كنوز زاخرة من الدواوين الشعرية و الخامات الشعرية التي لا تضاهى. و التي ربما لا نجد لها بديلاً في المستقبل. إن في البحرين الكثير و الكثير من الخامات التي ينبغي استغلالها لأننا بلد ينتج الثقافة و لا يستهلكها.
ماذا يضرنا من إقامة مهرجانات شعرية، لا أقول بمستوى أمير الشعراء و شاعر المليون. الشعر لغة و بلاغة و شعور و إنسانية، و كل هؤلاء لا ينقصون البحرين و لكنهم ينتظرون المبادرة المحتضنة ليبدأوا المشوار.
لا ننتظر من وزارة الثقافة إطلاعنا على ما يدور في فكرها و لكن نبحث عن تغيير نوعية البرامج و ضيوفه حتى نرى خامات بلدنا تلك و هي تشق طريقها و تستقطب مشاهدين آخرين من الأقطار الأخرى.
والله من وراء القصد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق