الأربعاء 28 نوفمبر 2012
نقارب اليوم و خلال الأشهر القادمة إكمال سنتين على اشتعال فتيل الأزمة التي عصفت بالبحرين و أحرقت الكثير من الأخضر و اليابس في مساحات الذاكرة و التفكير و روابط المجتمع. نعم، فقدنا الكثير مما كنا نملكه و اتضح لنا ضحالة الكثير مما كنا نفاخر به و هي عبارة جامعة ولله الحمد، فلن أحتاج بعد أن أقولها لأدافع عنها لأن كل طرف سينظر للعبارة من زاويته و هذا هو بالضبط محور الأزمة و سبب استمرارها اليوم و إلى أن يشاء الله أن تنتهي.
و يبدو لي أن الكثيرين قد تبين لهم أن الكلام حول الأسباب و المسببات و من الذي يملك أن يبدأ مقاربة الحلول، صار كلاماً مستهلكاً من ناحية و غير ذي جدوى من ناحية أخرى، و لكن أرجو أن يكون أمرا أكثر أهمية قد توضح لهؤلاء الكثيرين الذين ملوا الكلام و ملوا تصفح وسائل التواصل انتظاراً لنهاية القصة المتعبة. و هذا الأمر هو أن الأزمة في مجملها منذ بدايتها لنهايتها هي سلسلة من المناكفات التي لا تنتهي ولا تمثل سوى مضيعة بل محرقة للطاقات في جميع الإتجاهات.
لقد تم استهلاك و لا أقول استثمار، استهلاك طاقات و جهود بلا نهاية للجميع بدءاً من رجل الشارع وصولاً إلى كل درجات المسئولية و أعلاها في كل المؤسسات التي تشكل هذا المجتمع من قطاع عام و خاص و مؤسسات مجتمعية. و لو تساءلنا فيم استهلكت هذه الطاقات، و إلى أين وصلت، فربما لا نجد جواباً مقنعاً لأحد و السبب كما قلنا عن المسببات و كما قلنا عن الصورة الإجمالية، سيأتي الرد بتمسك كل الإتجاهات بنفس المنطلق الذي ينافح من أجله.
الكلام يقودنا إلى أمر ما إذا كنا نحمل شيئاً من الجدية لخدمة مجتمعنا و بلادنا، و هو أن نوجه الجهود و الطاقات إلى ما يمكن أن يحمل النفع سواء باستثمار الجهد في مزيد من طلب العلم و مزيد من العمل البناء سواء في المجال الإقتصادي أو في مجال خدمة المجتمع أوكان في مجال الثقافة أو الخدمات أو التعليم أو اي مجال آخر يمكن أن يجلب مردوداً نافعاً للفرد و المجتمع. أقول هذا الكلام و أنا متأكد أن هذا الطرح لن يسلم من الإتهام بالسطحية أو الهروب من الواقع، و لكني أقول أن الواقع هو صنيعة جهود إيجابية أو سلبية بحسب تقييم كل جهة و هو ما اتفقنا أن كل طرف سيتمسك به.
أما المعادلة السياسية، فحين يكون هناك حل جاد، فلا شك أن الكفاءات سيكون لها مكانها و ستكون في أتم جهوزيتها. أما ما يحصل الآن فيحمل الكثير من التشطير للمجتمع و الإستخدام الخاطئ لطاقاته و منا هنا، أرى أن الجاد يجب أن ينأى بنفسه عنه إلى ما هو أنفع لمجتمعه و له. و الله من وراء القصد.
آخر الوحي:
إذا القومُ قالوا مَنْ فتى؟ خلتُ أنّـني
عُــــــنيتُ فلمْ أكســـــلْ ولمْ أتبلّــــــد ِ
ولستُ بحلاّل التــلاع مخــــافــــة ً
ولكن متـى يسترفـــــد القومُ أرفــدِ
طرفة بن العبد