الأحد، 18 نوفمبر 2012

مقاتل الطالبيين





الأحد 18 نوفمبر 2012

أذكر أن أحد العلماء ذكر مرة و هو يتحدث عن هذا العنوان أن هذا الكتاب و المصنف التأريخي يعد من أغرب المصنفات، فهو يذكر مقاتل آل أبي طالب، و وجه الغرابة أن آل أبي طالب هم قرابة النبي و منهم ذريته و هم من ناصروا الإسلام ابتداء من عميدهم إلى بنيه و حفدته. فالكتاب الذي يضم في جنباته ذكراً لهذه المقاتل يصنف مائتي شخصية من هذه العائلة الشريفة و يذكر نسب كل منهم و بعض سيرته ثم ظروف مقتله. و للقارئ أن يتأمل كيف أن يصنف كتاب ينقل مقاتل عائلة يبدأ بذكر مقتل جعفر بن أبي طالب في مؤتة، مروراً بمقتل خليفة المسلمين و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم يسترسل فيمن قتل من بنيه، فيصل العدد بالمؤلف و هو يصنف الكتاب عام 313 إلى ما يفوق المائتي قتيل من هذه العائلة.
 أقول و هذا العدد الذي ذكرته هو من عدي المتعجل لأبواب هذا الكتاب، فكيف بما فاتني، ثم كيف بما تركه مصنف الكتاب أو أعوزته تفاصيله فأحجم عنه كما ذكر أبوالفرج الأصفهاني في خطبة مقدمته إذ يقول “و على أننا لا ننتفي من أن يكون الشيء من أخبار المتأخرين منهم فاتنا ولم يقع إلينا، لتفرقهم في أقاصي المشرق و المغرب، و حلولهم في نائي الأطراف و شاسع المحال”. ثم أن الغرابة التي يحملها العدد و تطاول الزمان في مقاتل هذه العائلة يبلغ أوجه في ذكر الأسماء الأولى في السياق التاريخي و في الفضل و هي التي عاصرت صدر الإسلام قبل أن يتباعد العهد من عهد الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم و عهد الخلفاء الراشدين.
 إذ تبقى قضية مقتل الإمام الحسين عليه السلام مثار تفكير عميق و تساؤلات لا تنتهي، كيف لا و هو ريحانة المصطفى و سيد شباب أهل الجنة و ابن فاطمة الزهراء وابن أمير المؤمنين و أخو الخليفة الإمام الحسن عليه السلام. وبسبب تفرد هذه الشخصية و عظم مكانتها من النبي صلى الله عليه و آله و سلم و بسبب الطريقة المفجعة التي قتل بها هو و جماعة أهل بيته و أصحابه، أفرد كاتب الكتاب فصلاً مطولاً يضم مقتل الحسين و من معه، إلا أنه و لا شك يقصر عما ذكرته الكتب التي تخصصت في ذكر سيرة الحسين مفردة.
 فكان مما ذكره الكتاب و هو من المعروف عند المتقدمين و المتأخرين هو أن الحسين قد قضى بأبي و أمي  عطشاناً حتى أنه حين طلب الماء “فقال له رجل: ألا ترى إلى الفرات كأنه بطون الحيات، والله لا تذوقه أو تموت عطشاً”. و مما ذكره الكتاب أيضاً في هذا الجانب أن الحسين أرسل فيما بعد الفرسان و الرجالة ليستقوا له فعرف أحد الواقفين على الماء أحد رسل الحسين و عرض عليه أن يشرب الماء بلا قتال، فاعتذر الرجل بأنه لا يشرب و الحسين عطشان. و هنا رد الرجل”لا سبيل إلى ما أردتم، إنما وضعونا بهذا المكان لنمنعكم من الماء”.
 و من المشهور الذي يذكره الكتاب أيضاً، أن رضيعاً للحسين قد ذبح بسهم في رقبته، فيقول صاحب الكتاب “وكان عبدالله بن الحسين يوم قتل صغيراً، جاءته نشابة و هو في حجر أبيه فذبحته”.
 و مما يذكره الكتاب أن الحسين قد احتز رأسه و حمل من العراق إلى قصر الإمارة في الشام، و حملت أهله من حفدة النبي نساء و أطفالاً أسرى، و أن ابن زياد أمر أن يوطأ صدر الحسين وظهره و جنبه و وجهه بالخيل فأجريت عليه.
 و رغم ما عرف عن العرب من الرثاء عند فقد العظماء فإن أبو الفرج الأصفهاني يقول “ و قد رثى الحسين بن علي، جماعة من متأخري الشعراء،...، و أما من تقدم فما وقع إلينا شيء رثى به، و كانت الشعراء لا تقدم على ذلك، مخافة من بني أمية و خشية منهم”.
أقول و يظل مقتل الإمام الحسين إجمالاً و تفصيلاً أمراً يتألم لفظاعته كل مسلم لأنه يؤمن بحق النبي صلى الله عليه وآله و سلم في مودة قرابته، و يتعجب لوقوعه و يستعظم وقعه على نفسه. السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين و على أصحاب الحسين.

آخر الوحي:
مررت على أبيات آل محمد
فلم أرها أمثالها يوم حلت

ألم تر أن الشمس أضحت مريضة
لفقد حسين و البلاد اقشعرت
سليمان بن قتة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق