الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

الأستاذ سامي










الأربعاء 19 ديسمبر 2012


ليس وحده هذا الأستاذ المخلص في عمله، ولكن لأن اسمه معبر جداً عن المكانة والمرتبة التي يحتلها المعلم في وجدان المجتمع ككل وفي تربية الأجيال وصناعة نشء يحب العلم والمعرفة ويتسلح بهما في مواجهة مشكلات الحياة وخلق الوعي بما يحمله المستقبل من مسؤولية سيحملها هؤلاء الطلاب على عواتقهم لخدمة أممهم وأوطانهم.
من ينظر إلى حال المعلم ويقارن بين الأمس واليوم، يميز الغبن الواقع عليه من التغير في المكانة الاجتماعية والاقتصادية لهذه الشريحة المهمة من شرائح المجتمع. فبعد أن كان أسمى ما يتمناه المرء أن يلتحق بهذا القطاع، صارت هذه الأمنية بعيدة المنال، صعبة التحقيق، وإذا تحققت فهي تحمل معها كماً من الجهد لا يتناسب مع المردود، فصارت في كثير من الحالات مهنة لمن وجدها وليس لمن تمناها وسعى إليها.
المردود المادي لهذه المهنة لا يتناسب والرسالة المرتبطة بها، ولا بالعبء الملقى على كاهل العاملين بها، ولو كان الحال كما يجب لوجدنا رغبات الطلاب المتفوقين الأولى لا تقع حكراً على تخصصات الطب والإدارة والهندسة وتبتعد عن التخصصات النظرية والتعليمية. فالإنسان الطموح والمجتهد في دراسته، حين يبحث عن فرصة للدراسة، تجده يبحث عن مجال يمكنه التميز فيه ومن ثم تحقيق نجاح يكفل له حياة كريمة أولاً، ومكانة اجتماعية لائقة مرموقة ثانياً، ويتمكن من خدمة مجتمعه ثالثاً بصورة تتناسب وما يعتقده في نفسه من إمكانيات ذهنية وتحصيلية.
ثم إن سياسة إحلال المواطن في هذه المهنة، يجب أن تكون مرتبطة بسياسة أبعد في إحلال الكفاءات والقيادات الوطنية، بحيث تتجاوز مرحلة استيراد هذه الكفاءات والاعتماد على أبناء هذه الأرض في تعمير بلادهم وخدمة مجتمعهم. ورغم أننا تعلمنا على أيدي معلمين مواطنين وأجانب، إلا أننا وجدنا كفاءات متماثلة في الحالين، لا يزيد فيها غير المواطن عن المواطن في شيء، مع توافر مزيد من الإخلاص لهذه المهنة في ذلك الجيل من المعلمين وهو الأمر الذي ينبغي تعزيزه في الأجيال التالية بدلاً من إضعافه بالمزيد من كم المجهود وكفاف المردود.
بالأمس البعيد كانت الشركات الصناعية ترسل ممثليها إلى القرى والمدن البحرينية للبحث عن خامات بشرية لتدريبها وإلحاقها بالعمل في أقسامها المختلفة، أم اليوم فإن مهنة التعليم وغيرها من المهن تنشر إعلاناتها بين الفينة والأخرى في بلاد أخرى. وكان حرياً بها أن تجوب جامعات وثانويات البلد بحثاً عن خامات مؤهلة وإلحاقها ببرامج المنح والبعثات لتوفر لها نخبة العقول قبل أن تتفرق بهؤلاء السبل بين مختلف التخصصات.
إن أكثر الدول تقدما والتحاقاً بركب الحضارة هي الدول التي تجعل لمعلميها مكانة مميزة، فينتج هؤلاء أجيالاً طموحة واثقة في المستقبل المشرق، وليس تلك التي تجعل ممن يعد الأجيال إنساناً محطماً أو يائساً ينتظر سنوات التقاعد ويقصرها بانتظار جرس نهاية الدوام.
هناك من دول الخليج من يهتم بهذا الجانب وهذا القطاع، فهل انتبهنا نحن لذلك، أم أننا نكتفي بشعار الريادة في الأيام الأولى ثم التخلف فيما بعد لضعف الإمكانات المرصودة. رفقاً بالمعلمين، فهم عماد هذا المجتمع وهم ثروة الوطن الحقيقية.

آخر الوحي:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أحمد شوقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق