الأحد 17 مارس 2013
أشرت في المقال السابق المتعلق بنقص المواد الغذائية والدوائية إلى الاستغلال والغش الذي يحصل في مواسم النقص، وكيف تدس الأنواع الرديئة للبيع للمستهلك بسبب تهافت الناس ونقص المعروض. وذكرت في آخره أن لحم الخيول والحمير بيع في دول أخرى على أنه لحم بقري حتى تم اكتشافه وشاعت الفضائح بعد كشفه في الدول التي جرت فيها القضية وفي محيطها.
ويبدو أنه بعد ذلك بمدة قصيرة لا تزيد عن اليومين، طالعتنا الصحافة المحلية بقيام وزارة الصحة بسحب بعض العينات لفحصها بسبب توارد شكوك حول خلط اللحم البقري المستورد بلحم الخيول.
ورغم أن هذه القضية التي تذكرنا بقصة “حسينوه ولحم الكلاب” في مسلسل درب الزلق نادرة الحدوث كما في المسلسل، إلا أن المثال المضروب وإن كان مثالاً نادر الحدوث غالبا، إلا أنه يشير إلى قضية الغش التجاري بشكل عام، وإذ إن اللحم لو كشف انه غير مخلوط بلحم الحصان إلا أن ما قد يجري من الغش قد يكون دون ذلك، فقد يكون منتهي الصلاحية أو غير صالح للاستخدام الآدمي فضلا عن كونه لحم خيل إنجليزي. قد يكون مصابا بوباء أو لحم ميتة إلى كثير من الاحتمالات التي لا تمنعها إلا الرقابة والإشراف.
الفحص الجيني للعينات المأخوذة سيستغرق أسابيع، قد تسفر أو لا تسفر عن كشف لحم خيول، إلا أن مشكلة وجود خلل في الرقابة قد تكون هي مثار التساؤل وقد مرت بنا خلال الأشهر القليلة الماضية عدة قضايا حول شحنات فاسدة تم كشفها أو منعها.
مشكلة الشح في الواردات تدور في نفس المدار وتشمل اللحوم والدواجن خصوصا في الأصناف المطلوبة لرغبة السوق والمذبوحة بحسب اشتراطات الشريعة التي ظهرت اشاعات واخبار حول عدم التزام كثير من الشركات بها وقللت خيارات المستهلك الباحث عن اللحم الحلال لغذائه.
وفيما تتخاطر أسئلة اللحم الحي أو المبرد وما يسببها من تخوف المستهلك حول طريقة الذبح وشرعيته حين يجلب مبرداً، تتفاقم مشكلة شح الوارد، الأمر الذي يتطلب حلولا تحمل معها الاطمئنان للمستهلك كما تضمن معها توفر السلعة في جودة عالية وكميات تغطي الطلب الموجود والمتنامي.
قضية الدعم وتوجيهه وشح الواردات يدور فيها سؤال البيضة والدجاجة، أيهما سبب للآخر وما هي تفاصيل العلاقة بين الكلام على إعادة توجيه الدعم والنقص الذي دفع المستهلكين مكرهين لشراء لحوم غير مدعومة بأسعار مضاعفة رغم كونهم من محدودي الدخل ومسجلي علاوات التنمية والإسكان، وكأن ما يحصل عليه المواطن لسد حاجة ماسة ما صار عليه أن ينفقه على حاجة ماسة أخرى.
وبلا شك فإن السمك ليس بديلاً وهو السلعة الأغلى التي يعد توفرها كبديل نوعاً من رفاهية المترف والتي سيدور عليها الكلام في حينها لأن أمرها شائك هو الآخر ويحتاج إلى خطوات أساسية مهمة تعيد تشكيل هذه الصناعة التي لا تسير شؤونها في خدمة المواطن حالياً.
عوداً على بدء، فلا أتمنى أبداً أن تصير أمور تجارة المواد الغذائية في بلادنا إلى ما صارت إليه في بلدان أخرى من بيع سلع التسمم والتي مثل لها عبدالحسين بجعله الفريق كله في نباح متواصل في قالبه الكوميدي، كان هو سببه ببيع لحم الكلاب. ولعل الأمور إذا سارت على نفس المنوال فربما يبدأ الناس في الصهيل، والعدو و”شقران في المقدمة”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق