الخميس، 21 مارس 2013

بالله نثق










الخميس 21 مارس 2013

نظرت إلى هذه العبارة المكتوبة على العملة الأميركية التي تمثل تقليدا كان موجودا حتى على أول سكة نقد للدولة الإسلامية وهو الإقرار للخالق بالألوهية، على مختلف الصور التي من ضمنها الشهادتين. هذه العبارة التي هي من أسس الإيمان وهي الثقة بالله، ورغم أن الرسوم الموجودة معها على الدولار هي محل جدل وتحليل طويل، إلا أن وجودها هي آخر رموز التدين على هذه العملة للأمة الأميركية وهي العملة الأهم حول العالم. من ضمن الرموز المرسومة على الدولار رسم “الختم الأعظم” وهو على هيئة هرم به عين ترى كل شيء كما يطلق عليها في الثقافة الأميركية وتحمل رموزا تترجم إلى عام استقلال الولايات المتحدة. هذا الرمز هو شعار يعتز به الماسونيون وعموم القوى التي تحكم العالم من وراء الستار بحسب نظريات المجتمعات السرية المتسربلة بالهيكل السياسي والنظام العالمي الظاهر لنا اليوم. هناك شعار النسر الذي يحمل غصن السلام وسهام الحرب والذي أسهب المنظرون في تحليل عدد ريشاته ومدلولاتها إلى آخر ذلك من رموز لا نعلم معناها ولا هدفها وصحة التحليلات والمزاعم من كذبها.


ما نعلمه أن أميركا اليوم هي القوة العظمى في النظام العالمي القائم، وأن عملتها هي العملة الأهم حالياً، وأن هذه الدولة تعيش النموذج الذي يراد له أن يشمل العالم كله في الديمقراطية، فتنته بالتطبيق الكامل أي أحاديث عن التشريع غير الأرضي، وينقطع الاتصال بين التشريع والخالق. هذا المعنى الذي ربما هزأ به الكثيرون، إلا أنه هو الحقيقة للأسف.


الشيء الغريب أن ملحدي أميركا، لم يكتفوا بما يعيشونه من إقرار لمبادئهم في التشريع، وحصولهم على حقوق ما كان لهم أن يحلموا بها في ظل أي نظام يحمل شيئاً من التدين، حتى برزت مؤخراً مجموعات من الملحدين، تطلب إلغاء هذه العبارة من على الدولار. لماذا؟ لأن هذه العبارة تشملهم كأميركيين، فيما لا يقرون بوجود إله، فتصير هذه العبارة إكراهاً لهم في فكرهم الذي يعتنقونه وتزويراً على إرادتهم.


لقد رفعت هذه المجموعة دعوى قضائية ضد وزارة الخزينة لإزالة العبارة لأنها “تؤدي إلى إشكالات، وتروج لديانة التوحيد، وهي برأي غير المؤمنين انحراف عن الدستور الأميركي”. يذكر أن هذه هي المحاولة الثانية لإزالة العبارة بعد فشل الأولى التي صرح مقدمها عقيب فشلها بأن الملحدين اليوم هم ضحايا التمييز كما السود في الماضي.


ورغم أن العبارة مكتوبة على أعلام بعض الولايات الأميركية المنفردة وعلى عملة نيكاراغوا باللغة الإسبانية، إلا أن إدارة العدل لم ترفض هذه الدعوى. والسؤال الذي يطرح نفسه، إلى أين يمكن أن يصل الملحدون في دولنا الإسلامية لو أفسح لهم المجال ليتكلموا في التشريع؟ لاشك أن عندهم الكثير ليطرحوه وأكثر ليضيفوه مما سيمس بعقيدة المجتمع وهويته وأخلاقه ومواقفه.


إذا كان هذا موقفهم من عبارة تلخص عقيدة المجتمع لن يؤثر عملياً بقاؤها على وجودهم وعلى عامة حقوقهم، فكيف إذا كانت هذه العبارة تمثل لب الخطوط العريضة من دساتير دولهم؟ هل سيكون مقبولاً لديهم إلا إزالتها من الدساتير وإلغاء اعتمادها في تشريع القوانين لتتحقق الدولة المدنية التي يأملونها؟

هل ستمر الليالي والأيام لنشهد مثل هذا اليوم الذي يدعو فيه دعاة المدنية في بلاد المسلمين لإلغاء مثيلاتها في دساتير هذه البلاد. نسأل الله أن لا نرى يوماً كهذا وإن كان تسارع الأيام وأحداثها ينبئ بما لا يسر.


آخر الوحي:


واصبر على غصص الأيام محتسبا
لابد للحزن والآلام من أمد
ولا تكونن بين الناس إمعة
يقول ما لا يرى في كل محتشد
ولا تخف حين تبدي الرأي معتقدا
بأنه في صلاح الناس والبلد


محمد هادي الحلواجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق