الأربعاء 6 مارس 2013
ابتدأنا هذا الأسبوع على وقع تفجير إرهابي في العراق و تحديداً في كربلاء في طريق المشاة الواقع بين حرمي الإمام الحسين و أخيه العباس. و رغم أن هذه المنطقة تكون عادة الأكثر اكتظاظاً، إلا أن الحادث لم يسفر ولله الحمد عن خسائر في الأرواح. هذا الحادث يعيدنا للكلام عن عدة قضايا هي من صميم ما ينبغي مراجعته في قضايا تزيد حال الأمة سوءاً على سوء. أول تلك القضايا هو قضية الإرهاب والتطرف و الفكر التكفيري. و ثانيها هو تصاعد الطائفية في المجتمعات الإسلامية، و ثالثها قضية الأطراف الخارجية و ما تلعبه من دور في ضرب استقرار و استقلال الدول الأخرى، ثم مدى صدق العلاقات العربية و الإسلامية و عمقها القادر على محاربة هذه التوجهات الدخيلة و المنحرفة.
الإرهاب الذي نرفضه جميعاً و نتنادى لإصدار بيانات الشجب و الاستنكار حين يقع على دولة شرقية أو غربية، يحرجنا و يظهر الكثير من الخافي حول علاقتنا ببعضنا الآخر و مدى اكتراثنا بصورتنا الحضارية و مخزوننا المبدئي و الأخلاقي في قبالة ما ننشده من أهداف سياسية نسعى للوصول إليها. يظهر فشلنا جلياً حين لا نسمع نفس الشجب حين يكون البلد المستهدف واقعاً بين ضفتي المحيط و الخليج. و الملاحظ أنه حين يكون هدف مثل هذه التفجيرات أحد البلاد الإسلامية، فإن ردود أفعالنا لا تعادل عشر معشار استيائنا لتفجير إرهابي أو حتى تهديد يحصل في الغرب.
أما الطائفية التي نشتمها ليل نهار فهي لم توفر بلداً لم تنتشر فيه رائحتها الخبيثة، و التي أشرنا إليها في مقالات سابقة و قلنا أنها أداة للأعداء الذين يريدون أن يفرقوا الأمة ليسهل لهم التلاعب بها و الضغط عليها حين يلغى تاريخ من التآلف و المحبة في حب أهل بيت النبوة الذي هو من أساسيات العقيدة الإسلامية.
و أما علاقات دولنا الإسلامية و العربية فحدث ولا حرج، إذ لم توفر هذه الفتن علاقة طيبة بين بلادنا يمكن التقدم بها و البناء عليها للوصول إلى درجات من التكامل الثقافي و الاقتصادي و الاجتماعي.
و العراق اليوم الذي يتأمل كل العرب نهوضه بعد أن رزح عقوداً تحت وطأة استبداد صدام ثم تحت وطأة احتلال الأمريكان و بعدها تحت وطأة تخاذل أشقاءه عن مد يد العون الفاعل الذي يعيده إلى سابق عهده و قوته. و هو يتعرض لهذا النوع من الهجمات و التي و إن قل عددها عن السابق فهو يعطينا درساً جديداً في الصبر و في محاربة الدعوات الجاهلية و سفك الدماء فهو بذلك نذير حقيقي للجميع ينبغي أن يفهم من خلاله خطر التطرف.
هذا الأسلوب و إن كان يلبس ثوباً عقيدياً و يهاجم عقيدة الآخر إلا أنه في واقعه هو تردٍ في الأخلاق و القيم قبل أي شيء و الرد الأمثل عليه هو التبيين بكل وضوح أنه لا استسلام لهذه المناهج و الأساليب و الوقوف بوجهها سدا منيعا لأن قيمنا لا تسمح لنا بالتسامح مع هذا النمط من الفكر و الخلق و السلوك و المنهج، قبل أي شيء آخر. حفظ الله المسلمين في كل مكان من كل سوء و حفظ الزوار البحرينيين في أرض الحسين و ردهم لأهلهم و ديارهم سالمين غانمين.
آخر الوحي:
“حسين مني و أنا من حسين” حديث نبوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق