الأربعاء 13 مارس 2013
خلال الأشهر القليلة الماضية، ولعدة أنواع من الأدوية تتراوح بين بعض أدوية تنظيم السكر، إلى العديد من العقاقير الأخرى، كان يقابلني موظفو الصيدليات بهذه العبارة، وأنتقل بالطبع للعبارة التقليدية التي تليها، وهو سؤالي للموظف حول ما إذا كان الدواء متوفراً في صيدلية أخرى يعرفها. وبالطبع كان الموظف يقوم باقتراح صيدلية أخرى، وهي التي تكون عادة الصيدلية المالكة لتوكيل هذا العقار. وهناك يجيبك الموظف بدون حاجة لأن يبحث حوله. فهو كما يبدو يتلقى هذا السؤال عشرات المرات، ويحفظ الإجابة مسبقا، والتي تكون غالباً اقتراحه عليك أن تبادر بصرف الدواء من السعودية، وقد يلقي بالملامة على المصنع لعدم توافر الدواء وقد يقتصر على أن يفترض لك أن الدواء سيجلب بعد شهر أو أسبوعين.
بالطبع فإن الموضوع ليس جديداً، ولكنه صار أكثر إلحاحا وتكراراً في الفترة الأخيرة، ولا أدري بصراحة من الجهة التي يفترض أن يتم التواصل معها في هذا الخصوص للحصول على إجابات شافية. هل هي وزارة الصحة أم وزارة التجارة أم غيرهما. هذا يحصل لنا في مجال بيع الأدوية رغم الملحوظ من الفارق الشاسع بين أسعار الأدوية في البحرين ومثيلتها في السعودية، مما يحدو بالبعض لقصر مشترياتهم الدوائية على الصيدليات في السعودية.
ما يحصل في سوق الدواء ينسحب اليوم على سوق الغذاء، فالنقص الحاد الموجود في المعروض من اللحوم والدواجن والارتفاع الخيالي في أسعار الأسماك، جعل المواطنين في حيرة من أمرهم، والبعض منهم صار يأخذ مشترياته الغذائية من السوق السعودي ثم يعود أدراجه. هذا ونحن نتكلم عن الأغذية اليومية، ولا أعلم إن صح أن يطلق على هذا الوضع لفظ أزمة أم لا. فكون المواطن يرى عدم توفر السلعة أو توفرها بسعر غال أمراً لا حل له إلا عبر الشراء من سوق أخرى مهما كانت قريبة فهو بلا شك من أعراض مشكلة تعصف بأمننا القومي الغذائي الذي يعتمد أساساً على الاستيراد. إن حصول أي أزمة حقيقية في ظل الوضع القائم هي مسألة وقت، فأي تأخير في شحنة كبيرة، أو أي إعلان عن وباء في إحدى مناطق الاستيراد أو أي سبب من الممكن أن يجعل الوضع خانقاً.
من هنا لا بد أن تتم المبادرة بتكليف جهة رسمية بمتابعة للتغطية الدوائية والغذائية لاحتياجات السوق، وتتبع النقص وهو في مراحله الأولى أو قبل حدوثه والسعي لتقليله عبر آليات يتم تنفيذها عبر شركات الاستيراد والإنتاج الحكومية بشكل أساسي بالإضافة إلى ما يمكن أن يوفره القطاع الخاص من دعم في هذا المجال الذي سيحمل بلا شك فرصاً جديدة للقطاع الخاص يمكن إحسان استثمارها.
لقد دفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقصها في أوروبا لبيع الناس شطائر من لحم الخيول دون علم المستهلك، ودفع مثل هذا الأمر أحد مزودي إحدى شركات خطوط الطيران الإقليمية لتزويدها بلحم الحمير عوضاً عن لحم البقر دون علمها. والله العالم إن كانت وجبة لذيذة في إحدى الطائرات قد تلذذت بها فلعلها كانت من لحم “أبي صابر” الذي لم يوفره المزود الجزائري. الحاصل بالطبع أن الغش في كل زمان ومكان، إلا أن نقص سلعة ما يفتح المجال بقوة لتصريف أي سلعة غذائية أو دوائية غير مرغوبة إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. فغير المباشرة في الدوائيات تكون عبر إعداد الصيدلاني للخلطة بنفسه، وفي الغذائيات بتصريف السلعة على المطاعم بدلا من المستهلك نفسه مباشرة. وهنا يمكن لبن عاقول أن “يشيل صورة كلب، ويحط صورة خروف”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق