الأربعاء 17 أبريل 2013
ما زلت مرغماً بين الحين و الآخر على النظر إلى العالم بعيون الطفل البريء أو الطفلة الواقعة في عالم أحمق أخرق يحار فيه الكبير أو كما قيل يشيب فيه الصغير و يهرم الكبير و يكدح المؤمن حتى يلاقي ربه. لا تنظر هذه العيون بتساؤل و براءة إلى القريب منها و حسب، ولكن إلى البعيد أيضا. ففي كل إجازة أسبوعية يتساءل الأطفال الصغار عن سبب ما يرونه من علامات حديثة أو قديمة لصراع دار في شارع ما، لا يعرف الطفل كنهه ولا أسبابه. يتساءل حين يرى فعلاً ما وراءه و عما خلفه دون أن يصل إلى نتيجة.
في ذهن الطفل يتضارب الخطأ و الصواب دون الوصول إلى نتيجة تذكر. ففيما يرى بعض التصرفات التي قد لا يقرها شرع ولا قانون، فهو يسمع لها من التبريرات ما شاء الله و من أشخاص يحمل تجاههم كل الثقة و المودة. تتضارب عنده أسس المحبة، ففيما يظن ابتداء أن المؤمنين إخوة، تجد هناك من يزرع فيه تعريفات و تقسيمات للمؤمنين يخرج بسببها شطر العالم من دائرة المؤمنين و شطر آخر من دائرة أي حق إنساني.
في كل بلد من بلادنا العربية و الموسومة أيضاً بأنها من دول العالم الإسلامي، تذكر المناهج للطفل أنه عربي مسلم له واحد و عشرون أخا من نفس اللسان الأم و الكثير من الإخوة بألسن مختلفة. إلا أنه في أي بلد يكون فيه، سيعرف أن العلاقات متوترة دوما مع واحد أو اثنين من جيرانه، حتى ليكاد يكون عدوا أكثر من كونه صديقاً، و لا يجد تفسيراً لهذه العداوة مهما أعمل فكره فالحاضر يصطدم بقوة مع التاريخ و الجغرافيا و التربية الإسلامية و الكثير الكثير مما يدرسه في المدرسة أو يلقنه إياه التلفاز.
و في نفس السياق ينظر الطفل إلى قوى الانتداب و الإستعمار و يراجع ما درسه في مناهج التاريخ من ويلات و مآس جرتها على بلاده، و كيف ناضلت بلاده و سواها للحصول على (استقلالها)، و كيف تسهب المناهج أن هذه القوى حين خرجت مرغمة أبقت على وسائل الغزو الثقافي و الإستعمار الفكري و السيطرة الإقتصادية المباشرة و العسكرية المباشرة و غير المباشرة. و ينظر إلى مواقف المعارضات و الحكومات مع هذه القوى فيجدها العلاقة القوية و الصلة التي لا تنقطع و لا يكدر صفوها أي خلاف.
و فيما كان طفل القرن الفائت يقرأ عن الحروب العالمية، صار أطفال هذا القرن يراجعون في دروسهم ربما حرب العراق و إيران، و غزو العراق للكويت، و خلافات الكرة بين بلد عربي و آخر، و تهديدات الماء و مسطحاته بين بلد و آخر.
كان طفل ما ينظر في حينه إلى الفرق بين مؤمن و غير مؤمن كتقسيم، ثم صار ينظر إلى بطل ممانع و جبان مهادن. أما اليوم فصار ملزماً أن ينظر إلى جميع الفرقاء من منظار مصلحة طائفية أو إثنية بغض النظر عن المشتركات الإعتدالية التي دمرها التطرف و المصالح و قنوات الفتنة الطائفية.
وإشفاقا على هذا الطفل و سواه، ينبغي أن يكتب من جديد ما يراه من مهازل و يؤصل لها أو يصحح ما يمكن أن يصحح لأن البون صار شاسعاً.
آخر الوحي:
ألستم من نشأنا فى مدارسكم؟
تعلمنا مناهجكم
ألستم من تعلمنا على يدكم بأن الثعلب
المكار منتظر
سيأكل نعجة الحمقى إذا
للنوم ما خلدوا؟
ألستم من تعلمنا على يدكم بأن العود محمي
بحزمته ضعيف حين ينفرد؟
هشام الجخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق