الأربعاء 18 سبتمبر 2013
يبدو أن مقال الأحد حول وزارة الإسكان قد أثار الشجون عند مواطنين كان موضوع المقال يمس معاناتهم مع وزارة الإسكان ومع الطلبات الإسكانية المحكومة بـ”تأبيدة” داخل أروقة وسجلات الوزارة، مما دفع بمزيد من التفاصيل حول البيروقراطية التي ربما لا تختص بالوزارة دون غيرها من المؤسسات، لكنها تعقد معاملات المواطنين وتوصلها إلى طريق مسدود أو شبه مسدود.
أوراق المعاملات في كثير من الدوائر تحتاج لتركيب عجلات فيها لتتنقل في المكاتب وتنتهي إجراءاتها، والتي تحولت إلى موال طويل أو قصيدة مما سماها شعراء الجاهلية بالحوليات التي يقضي الشاعر أشهرا في نظمها ثم أشهرا أخرى في تنقيحها حتى تكمل عاما كاملا قبل أن ينشدها الشاعر على الملأ.
فبعد ما تم نشره حول تظلمات المواطنين المتقدمين بطلباتهم الإسكانية، أخبرني محدثي عن قضية غاية في العجب، كشفت له ولي من بعده أن تعامل بعض الوزارات مع قضايا المواطن لا يعدو كونه تطييب خواطر أو إسكاتا، بينما الأمور تسير في أعنتها بنفس السير لا تتقدم خطوة.
يقول حصلنا على خطابات من الوزارة في عام 2012 تؤكد لنا إعادة اعتبار طلباتنا لتكون بحسب التواريخ الابتدائية لتقديم الطلبات، ولم يتحقق ذلك إلا بشق الأنفس. وما قاله لا يختلف عما نشر في الصحافة المحلية آنذاك من تشكيل لجنة في وزارة الإسكان للنظر في تظلمات الطلبات الملغاة والنظر في إعادتها لتواريخها الأصلية بحسب كل حالة.
إلا أن ما فاجأني به هو أنه بعد مراجعة الوزارة يتبين أن الرسالة التي تلقاها كما تلقى غيره، لم تكن أكثر من حبر على ورق أو تطييب خاطر لم يغير من الواقع العملي شيئا، ففيما يتم توقيع عقود الوحدات الإسكانية، يكتشف هو وسواه أن طلباتهم في نظام الوزارة مازالت بحسب التواريخ اللاحقة دون أن يتم تفعيل مضمون الرسائل التي أعطيت لهم والتي تحوي توصية اللجنة.
أما متى سيتم عمل التعديل في النظام الآلي للوزارة ليعكس في الواقع قرارات اللجنة فذلك أمر قد يحصل في العام المقبل 2014 بحسب ما فهم عند مراجعته للوزارة. القرار يصدر في 2012 وتعطى رسائل البشرى للمواطن في العام ذاته، ثم لا يتغير الأمر في سجلات الوزارة إلا بعد سنة على الأقل.
ومن المؤسف أن تقول الرسالة بعد بشارتها بإحياء الطلبات أن الطلب سيوضع في أولوية المشاريع المستقبلية وليس في توزيعات المشاريع القائمة حالياً، وكأن المشاريع القائمة قد انتهت وتم تحديد من سيسكنها آنذاك، وكأن انتظار عشرين عاما لم يكن كافيا ليكون للطلب الأولوية، لتصير الرسالة وعدا جديدا لا أكثر، وكأن إعادة إحياء الطلب ووضعه في أولوية الطلبات له معنى إن لم يكن بأثر فوري.
يتساءل متسائل هنا عن الضير في حدوث ذلك، فنقول له، وماذا عن المشاريع التي يتم توزيعها اليوم، ألم يكن هذا المواطن وآخرون ليستفيدوا منها لو كانت الأمور تسير في نصابها الصحيح؟ وهل صار انتظار عام إضافي أو أكثر من عمر المواطن أمرا هينا؟ لماذا يضيع عمر المواطن هدرا؟
آخر الوحي:
سأصنع قهوتي وحدي،
فإني دائما.. رجل وحيد
تغتالني الطرقات.. ترفضني الخرائط والحدود
أما البريد.. فمن قرون ليس يأتيني البريد
نزار قباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق