الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

فصل الخطاب








٢١ سبتمبر ٢٠١١


بينما يقترب موعد الانتخابات التكميلية تتعالى أصوات الدعوة للمقاطعة. وبينما تجد المشاركين يصرحون بأسبابهم للمشاركة فإن المقاطعين يضعون أيضاً أسباباً قد يكون بعضها حقيقاً بالتأمل. بالنسبة لي ولجملة من المشاركين في الانتخابات، فإن المشاركة شرعاً ليست خيارا بقدر ما هي واجب لا مناص منه. ومهما كانت تسويغات الآخرين للمقاطعة مبنية على عدم جدوى الشكل الحالي من التجربة النيابية فإن من التغافل أن نغمض عما يمكن أن يحدث في غياب تمثيل كفؤ لكل فئات الشعب.
إن قلت لي أنه لا جدوى فأنت تنظر إلى المصلحة وحسب، ما بالك بالمفسدة؟ هل تحسب أن حضورك وغيابك متساويان في جميع الأحوال وإزاء جميع القضايا؟ إن كان كذلك فما قيمة أي تحرك في الدنيا، إعلامياً كان أوحقوقياً أوإقتصادياً أوإجتماعي؟ وماذا يفيد غيابك في تطوير التجربة؟ أتراها تطورت بمن قاطع في 2002 لننتظر ثمرة المقاطعة الآن؟
نعم أنت تتمنى تجربة أفضل تدفع البلاد نحو الاستقرار والتنمية، هل تعتقد أن المقاطعة هي الطريق الأمثل؟ هذا شأنك من حيث الجدوى والتفكير في المخرجات، ولكن اسمح لي أن أضعك أمام أزمة ضمير لأقول لك، من يتحمل مسؤولية فراغ التجربة من أكفاء صرحوا بتعرضهم للضغط من محيطهم الاجتماعي فانسحبوا فخسرت التجربة جهودهم، وهل يكون المقاطع أحد أسباب تأخر هذه التجربة وعدم جدواها حين اتخذ سبيل المقاطعة ودعا لها؟
أتخبرني أن الواقعية السياسية المتمثلة في الدخول تعد تخاذلاً وتسليماً؟ بربك ألم يتم اتهام المعارضة بذلك حين دخلت ضمن قانون الجمعيات، وحين قررت دخول التجربة في 2006 تحت مظلة دستور 2002؟ ولكن عند الصباح يحمد القوم السرى، ففي انتخابات 2010 كانت كتيبات مرشحي المعارضة تعج بذكر إنجازاتها من التجربة السابقة والتي استبانت إمكانية تحقيقها من تجربة الدخول بعد مرارة المقاطعة.
تقول لي أن هناك توجهات من المتشددين خلقت الإستهداف لمكون أساسي من مكونات الشعب وكان حملة هذا الإتجاه يحاربون هوية ما. لمسنا كلنا بعض ذلك، وعرف ذلك الجميع، وماعليك إلا أن تتصفح برامج التواصل الاجتماعي لتعرف أن ما تقوله صحيح جزئياً. ولكن هل لي أن أذكرك بما نسيته ولم أنسه؟ سأذكرك بتحفة التقرير المثير أوكما أحب أن أطلق عليه التقرير “اللي ما ينطرى”، هل تذكر كيف دخلت المعارضة بعيد نشره انتخابات 2006 عاقدة العزم على الدخول للتغيير والتطيير. ومنذ ذلك إلى 2010 وأنت يتراءى لك تنفيذ ما يبدو أنه من بنود هذا التقرير، هل منع هذا من الدخول في التجربة السابقة؟ كلا، بل كنت ترى ضرورة التواجد لنفس الأسباب، فماحدا مما بدا؟
تقول ان الدخول تسلق وتجاوز للآهات والعذابات والدماء التي أريقت وأنه دخول لمآرب خاصة، وأما أنا فأقول لك لم لا يكون وفاء لكل قطرة دم خلقها الله وحرم أن تراق، وسبيل هذا الوفاء في الإبتعاد عن أي مواجهة تريقها. لأن هذه الدماء الزاكية أغلى من أن تسيل لأي سبب. ووفاء لكل قطرة من قبل أن تسيل يجب أن تغمد ولا تسل سلاحاً فتظل أثمن من أي مطالب قد ينالها الناس من بعد أولا ينالونها.
لا تقل لي أني بالدخول آخذ مكاناً كان ليأخذه من هوأحق وأنني سأكون شاهد زور على إرادة الناس. فالأولى بمن لم يسد الثغر مع علمه بخطره أن لا يلوم من ينبري لسده. ثم كيف لأحد أن يشهد زوراً على إرادة الناس بدخوله إن كانت النسب المنخفضة جداً ستشهد بصوت جلي عن إمتعاض الكثيرين وعدم رغبتهم في الدخول.
هذا موقف لن يتغير طالما لي تأصيلي الشرعي الثابت للمسألة الذي لا يتغير بالمرحليات وبتلون الساحات ولا حين يتعلمن الملتحون.
آخر الوحي:
شتان مايومي على كورها ***ويوم حيان أخي جابر
الأعشى الكبير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق