الأربعاء 30 مارس 2011
يقال ان التاريخ يعيد نفسه، ويبقى أن الحكمة والموعظة الحسنة هي خير السبل والرفق زينة لكل مجال يدخل فيه.
بعد أن كتبت عدة مقالات أدعم فيها الدخول للحوار وأدعم انتهاج الأساليب الحضارية، فإن لي الحق أن أستعير ما قاله أحد حكماء البحرين في ظروف مشابهة كنا نتمنى أن لا تعيش لها البحرين مثيلاً.
إليكم مجمل الكلمة التي ألقاها العالم الرباني الراحل الشيخ سليمان المدني رحمه الله في 13 سبتمبر 1995.
تساؤلات (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
«الحمد لله كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله، والسلام عليكم أيها الإخوة جميعا ورحمة الله وبركاته.
كم يسرني أن ألتقي من جديد مع هذه الوجوه المؤمنة، كم يسرني أن ألتقي بكم من جديد في هذا المسجد وبعد غياب وإن كان في عمر الزمن قصيرا إلا أنني أحسبه دهرا طويلا.
ألتقي بكم ولمستم بأنفسكم ورأيتم بأم أعينكم كيف أن ما طرحناه من مبدأ التهدئة وحل الأمور عن طريق التفاهم والتحاور هو الطريق الصحيح الموصل الذي لا بد أن ينتهي الأمر بانتهاجه. كم حوربنا لأننا طرحنا مبدأ الحوار ونبذ العنف والشدة من أي جهة كانت، كم شوه علينا ونحن نقول للناس جميعا سواء كانوا حكاما أو محكومين إن الشدة لن تولد إلا الشدة وإن العنف لن يولّد إلا عنفا، وإن الله سبحانه ما جعل في يوم من الأيام التناحر والتشاجر والتهاتر طريقا طبيعيا للتعامل بين عباده، كم أوذينا وكم افتري علينا ونحن ندعو إلى منهج القرآن ومنهج السنة النبوية في التزام الكلمة الحسنة وفي التعامل باللين والرفق ونبذ الشدة والتفرقة. ولكن يقول سبحانه وتعالى: «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْض» [1].
ان لم يكن منبرا يدعو إلى الحوار غير هذا المنبر ومنابر أخرى قليلة كلها حوربت وكلها افتري عليها وشوهت، أصبحت كل المنابر وكل الألسنة تصب في مجرى واحد ذلك هو جدول التهدئة والتحاور. بإمكانكم أن ترجعوا إلى كل الخطب التي ألقيت ابتداء من اليوم السادس عشر من شهر ديسمبر في السنة الماضية وانتهاء بآخر جمعة صليت، ارجعوا إليها، اقرءوها، واسمعوا ما يقال اليوم من محاضرات ومن ندوات ومن كلمات لا أقول إنها تتفق معها في المعنى بل هي تردد نفس عباراتها وتحتج بنفس رواياتها وآياتها.
إذا إن هذا المبدأ القرآني هو الذي أثبت نفسه وهو الذي أيده الله بتأييده ونصره بنصره، وهو الذي رأى الناس بعد كل ما حدث أنهم لا بد أن يرجعوا إليه وأن ينتهجوه لعلهم يحققون خيرا لأنفسهم.
كم كنا نرغب، وكم كنا نود أن يلتزم هذا المنهج من البداية، وأن يسار على هذا الدرب من أول الطريق، لكنا تفادينا ذهاب أرواح أبرياء أزهقت، ولَكُنا تفادينا طاقات في المعتقلات والتوقيفات عطلت، ولكنا تفادينا أموالا عامة وخاصة أتلفت، ولكنا تفادينا أن نعود شراذم صغيرة، وفئات لا تزال غير ملتئمة، ولا تزال غير متفقة، ولا تزال القلوب تحقد على بعضها البعض. لو أن صوت العقل وصوت التفكير غلب منذ البداية على صوت المزاجية والعواطف، لكنا استرحنا من كثير مما أصابنا.
وعلى أي حال فنحن نحمد الله سبحانه على هذه العودة وعلى هذا الرجوع إلى منهج القرآن والسنة من كل الناس.
ولا أريد أن أطيل في الكلمة فليس عندي موضوع جاهز أطرحه هذه الليلة ولذلك أترك الباب مفتوحا للأسئلة حتى أوضح ما قد يدور في أذهان كثير من الناس ولا يجدون له جوابا».
أقول ان منهج الرفق والتسامح والكلمة الطيبة هو منهج قرآني، نتعامل وفقه كشريعة ومنهاج وليس على أساس جدواه في التطبيق من عدمها. على ان ذلك لا يمنع أنه الأسلوب الأمثل والأجدى لمعالجة أي مشكلة. رحم الله علماءنا الماضين ورزقنا الاستفادة مما تركوه لنا من تراث عظيم.
آخر الوحي:
«قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» سورة يوسف -108.