السبت، 5 مارس 2011

PATHETIC!






السبت 5 مارس 2011

مفردة إنجليزية تستخدم كامتعاض ساخر من شخص ما أو تصرف ما، إلا أن معناها الحرفي هو وصف شيء ما بأنه محزن أو مثير للشفقة.
ولا أخفي عليكم أن هذه الكلمة تنطبق أكثر ما تنطبق هذه الأيام على إعلامنا المحلي الذي جعله عورة أضحوكة يتحدث بها الركبان. منذ أشهر وأنا أراقب عن بُعد حال إعلامنا المكتوب والمسموع والمرئي، فلا أجد فيه ما يسر. وأحيل القراء إلى مقالات سابقة لي بعنوان “لغة التخوين والكراهية في الصحف”، وعنوان “تكريس التسامح كمبدأ إنساني”، وعنوان “هذا الموقع محظور”، وعنوان “حفلة الأقلام”، وعنوان “هل انقشعت الغبرة”.
كل هذه المقالات كتبت للتوجيه نحو وأد فتنة في مهدها، فتنة حاول صنعها إعلاميون، لهم حضورهم في جريدة معينة، وربما في منتدى إلكتروني معين بالإضافة إلى حضورهم أو استحضارهم في برامج التحليل السياسي على التلفزيون والمذياع وكأنما خلت الأجواء من سوى هذه الصقور.
وحين هبت علينا رياح الأزمة الحالية، أعيد استحضار الوجوه نفسها وبطريقة لافتة مرة أخرى على شاشة التلفاز. شكا الكل حينها مما يحصل في إعلامنا، فجرى تطعيم بعض اللقاءات بوجوه وسطية أو توافقية بين الحين والآخر، إلا أن السياسة العامة لم تتغير رغم الانتقاد من الجميع حتى من كثير من ضيوف التلفزيون. فما بين كلمة الاقتصادي عادل المسقطي وهو يصف ما يبثه التلفزيون بالإسطوانة المشروخة، وبين شكوى الكاتب عقيل سوار من أن المذيعين يضعون الكلام قسراً في أفواه الضيوف، إلى انتقادات الآخرين صراحة على شاشة التلفاز.
ثم فوجئنا بعد ذلك بأكثر الأمور إثارة للشفقة، حين قام الإعلام بتمثيل دور باهت يتباكى فيه على حال الوحدة بين مكونات الشعب من سنة وشيعة وما يجري من الفرقة والطائفية، ويصير الإعلام عراباً لتوحيد الطائفتين ويتحول لمؤتمر لتقريب المذاهب.
ما أود أن أعرفه، من أول من أطلق هذه الشائعة؟ من تخرص أن بين الشيعة والسنة خطاباً يحتاج لإصلاحه؟ وزير خارجيتنا يتكلم دوماً عن قصة النجاح البحريني في التعايش، وولي عهدنا قال في أكثر من محفل منها لقاؤه مع العربية والذي أشرنا له من قبل في مقال “تكريس التسامح كمبدأ إنساني” ونقلنا بالحرف الواحد قوله “علينا ألا نربط فكرا سياسيا بمذهب معين وأقول هذا خطأ وخطأ كبير.. نحن نحترم المذاهب كافة؛ لأن السياسة آنية، والدين ومذاهبه دائمون، وبهذه المناسبة أتوجه إلى كل المسؤولين في منطقتنا - والإعلاميين بصورة خاصة - برجاء الابتعاد عن هذه التهم وتصنيف الناس بمواقف مسبقة، والدين دوما فوق رؤوسنا جميعا، والسياسة نختلف فيها، والدين ثابت، والسياسة زائلة”. إذا كان هذا تحذير سمو ولي العهد للإعلاميين بشكل عام، فكيف لم ينجح إعلامنا في تلقيه منذ حينه في مطلع 2010؟
نعم، كلام سليم للغاية، لا ربط بين توجه سياسي معين وبين مذهب صاحبه، فلماذا يصر تلفزيون البحرين على وجود شرخ بين طائفتين يجب رأبه؟
دعنا ننظر لهذه الجهود من الإعلام: فهو يستضيف كاتباً عرف عنه تحامله على فئة ما، كاتب يحذر من بحرنة التعليم لأسباب طائفية، كاتب يتهم فئة بالتوالد السياسي، كاتب يربط فئة كبرى بالعمالة لدول أخرى، كاتبة تتكلم عن المخططات الصفوية والمجوسية إلى غيرها من المفردات البعثية، إعلامنا أقفل منتديات طائفية، وغض الطرف عن أخرى أشد منها طائفية. ويمكنكم الرجوع إلى مقال “هل انقشعت الغبرة”، ومثال “هذا الموقع محظور”، وقد اتصلت بي هيئة الإعلام على إثره ووعدني الرجل خيراً، ثم بقي الحال على ما هو عليه.
ما أعرفه أن من يرأب صدعاً يسعى لاستضافة وجوه توافقية ووجوه مقبولة، أما ما فعله إعلامنا فإن كانت النية حسنة فالعمل كان متخبطاً وكأن للإعلام أكثر من إدارة تغلب إحداها على الأخريات.
وحتى يعود لنا تلفزيوننا كما نتمناه، سيظل وضعه مثيراً للشفقة إلى أن يتم إنقاذه من توجه معين تم اختطافه إليه.

والله من وراء القصد...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق