الأحد 20 مارس 2011
في 25 يوليو 2010 نشرت مقالاً بنفس العنوان، و كان بالمناسبة مقالي الأول في صحيفة البلاد. قلت يومها أن وظيفة الكاتب الصحفي تنصب في قالب كشف مواطن الخلل للمساعدة في إصلاحها. و قلت يومها أن وظيفة الأديب –لا الصحفي- تتجه في بعض مهامها إلى صناعة الأمل. إيجاد هذا الأمل تكون عبر إعادة صياغة مشاعر الأمة و نقلها من الإنهزامية و تعبئتها بشحنات مستمرة من القوة التي قد تكون نابعة من إرثها الحضاري أو من المخزون الإنساني بشكل عام.
و أشرت وقتها إلى خوفي من تحول الصحافة إلى صحافة “بريد قراء” لا يعبأ بإنتاجها المسئولون و لا يهتمون بأكثر من قراءتها دون أن يتعبوا أنفسهم بمراجعة الذات و محاولة الإستفادة من المجهود المبذول في النقد و التوجيه.
من خلال تجربتي لمست أن مخاوفي كانت في محلها بدرجة كبيرة و أن من يكتب في صحافتنا كثيراً ما يكون مثل من يؤذن في مالطا. طرحت في خلال تلك الفترة الكثير حول مشاكل الإسكان و الإعلام و الصحة. و لم أجد أي تجاوب يذكر من تلك الجهات الرسمية، ربما لأن ما طرحته من مشاكل ليس جديداً. فكل باب قد طرقته طرقه قبلي الكثير من الكتاب و المدققون و تقارير ديوان الرقابة و لجان التحقيق البرلمانية.
و ركزت في أكثر كتاباتي على الدفع لتكريس لغة التسامح و محاربة لغة التخوين و التي لمستها تتصاعد في بعض صحفنا منذ منتصف الربع الثالث من عام 2010 و في بعض المنتديات الإلكترونية التي لمست تعاملاً بموازين مزدوجة معها من قبل هيئة الإعلام في ذلك الوقت.
و يبدو أن مخاوفي حول لغة التخوين وقتها كانت أيضاً في محلها فقد رأينا مؤخراً كيف وصلت هذه اللغة إلى ذروتها، و بدلاً من أن يكون مصدرها صحيفة أو منتدى إلكتروني كان مصدرها جهاز هيئة الإعلام نفسه الذي يفترض أن يكون هو الجهاز الرقابي على أداء الصحف و المنتديات و المدونات.
إذا كان هذا هو نمط التعامل في تلك الفترة و التي كانت تشهد هدوءاً نسبياً، نمط لا يستثني من تجاهله الكتابات ولا التقارير و لا اللجان، فكيف سيكون التعاطي مع كتابات الفترة الحالية فيما تمر البلاد بحالة من الطوارئ و ترتفع فيها مستويات الإستقطاب و تتقاذف الأوضاع كثير من وسائل الإعلام الدولية.
أعتقد أننا ككتاب نحتاج على الأقل إلى استراحة محارب في هذه المرحلة، لالتقاط الأنفاس و التأمل، و ربما لاستقبال مراحل أخرى قد تكون أكثر أهمية. و لعل عنوان المقال ورمزيته في تشابهه مع عنوان المقال الأول الذي أنشره في صحيفة البلاد قد توحي بأن هذا المقال هو الأخير.
آخر الوحي:
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة لإنسانة في الحي شيمتها الغدر
وقور، وريعان الصبا يستفزها فتأرن أحيانا كما أرن المهر
تسائلني : من أنت ؟ وهي عليمة وهل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت لها: لو شئت لم تتعنتي ولم تسألي عني، وعندك بي خبر
فقالت: لقد أزرى بك الدهر بعدنا فقلت: معاذ الله بل أنت لا الدهر
“أبو فراس الحمداني”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق