الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

خليجنا واحد






الأربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠١١


في تغريدة لي قبل أيام على التويتر، قلت أن مشروع الوحدة الخليجية يحتاج إلى خطوات رصينة من القيادة ليتحقق. و حين أتكلم عن خطوات رصينة، فإنني أؤكد على ضرورة وجود تكامل في الموارد و القدرات الإقتصادية و العلمية و الإجتماعية و السياسية. إذ أنه على الرغم مما قد يكون في تقديرنا أن الخطر الإستراتيجي و العسكري كبير على دول المنطقة، إلا أن تحديات التنمية و تطوير نماذج المشاركة السياسية لا تقل خطورة عنه. ذلك أن قصور فهمنا للمتغيرات في الخارج و العجز عن مواكبتها أثبت أنه موجود كقصورنا عن فهم المتغيرات في الداخل، من حيث طموح الشعوب في زيادة مستوى المشاركة السياسية و إيصال أصواتها في تقويم عيوب التنمية في دولنا.
 لقد بدا واضحاً من خلال الربيع العربي أو الفوضى الخلاقة، أن دول العالم العربي و الإسلامي في أغلبها ليست بعيدة عن مهب رياح التغيير، و أنها لا تقف اليوم على أرضية صلبة من حيث رسوخ أنظمتها السياسية، مما سبب مطالب التغيير و الإصلاح التي هبت على دول المغرب و المشرق العربي و الحبل على الجرار.
 و لو تساءلنا عن كم التحديات التي تواجه دولنا العربية لوجدنا الأمن الغذائي و شح المياه و شح الثروة الحيوانية، من ناحية أخرى سنجد تأخراً في إيجاد الطاقات البديلة رغم اعتمادنا في التصنيع على الواردات من دول الشرق و الغرب. و في التنمية الإنسانية سنجد تأخراً في تصنيف جامعاتنا و معدلات مرتفعة من البطالة و دولاً تحت خط الفقر و انخفاض معدلات الدخل في أغلب الدول العربية متواكبة عن مشاكل إسكانية مزمنة. و في النموذج السياسي تغيب المشاركة السياسية الفعالة عن أكثر الدول العربية، و من حيث الشفافية تحتل دولنا مراكز متدنية و تتصدر مراكز متقدمة في الفساد الإداري و المالي.
 واقعٌ صعب، لن يغيره مجرد خطوة إعلان الوحدة الخليجية رغم ترحيبنا الكبير بها. إلا أن هذا الواقع الصعب يفرض علينا أن نعيد النظر فيما عجز عنه مجلس التعاون الخليجي في 30 سنة من إيجاد سوق مشتركة و عملة موحدة و تكامل اقتصادي يحقق أقصى استفادة من الموارد المتوفرة لكل دولة من دولنا.
 وفي مقالٍ مرت عليه سنة بالتمام و الكمال بعنوان “والله حالة” قلت بالحرف الواحد:
“إن توازن القوى في المنطقة يلزمه سياسة خارجية منسقة ومنسجمة، وتقارب ومصارحة بين دول المنطقة يتناسب مع التقارب الجغرافي والفكري والديني. وإنه سواء على مقياس المواطنة أو العروبة أو الدين التي أدعي أنها لا تختلف في ضرورة أن نواجه العالم الخارجي بجبهة موحدة خلف قيادة وطنية ومشروع وحدة إسلامية وعربية مع حفظ حقوق الشعوب والدول من دون تعد على سيادة أي دولة”. اليوم أصبح هذا الكلام في سياقه لنواجه العالم الخارجي بجبهة موحدة و نواة مشروع وحدة عربية، لكنني أكرر على ضرورة قراءة التحديات بصورة صحيحة نحسن فيها التعامل مع كل معطياتنا لتخرج الدول في إتحادها بأقصى الفوائد التي تعود على شعوبها و على الأمتين العربية و الإسلامية.
 يبقى أن أشير إلى أن ما أعلن من توجه لتفعيل اتحاد خليجي لم يكن أمراً مستغرباً ولا خارجاً عن طموحات و تطلعات شعوب المنطقة، حيث يتكلم فصل كامل من ميثاق العمل الوطني عن العلاقات الخليجية، تتوضح منه نظرة البحرينيين قيادة و حكومة و شعباً للمستوى المأمول للعلاقات الخليجية. و أذكر من الفصل السادس “العلاقات الخليجية” هذا النص:
 “وسوف تواصل دولة البحرين مع شقيقاتها الدول الأعضاء في المجلس العمل لتحقيق المزيد من التنسيق و التقارب و التكامل في كيان المجلس خاصة في المجالات التي مازالت تتطلب تنسيقاً أكثر فعالية كالتكامل الإقتصادي و التعاون الدفاعي و التنسيق الإعلامي، هذا بالإضافة إلى الإهتمام بتطوير هيئة المشاركة الشعبية ضمن مؤسسات المجلس”
تتكلم هذه الفقرة بوضوح عن المجالات التي ينبغي زيادة التنسيق فيها، مما لا يترك مجالاً للشرح سواء تطلعات تنمية المشاركة الشعبية أو المجال الإقتصادي و الدفاعي الخارجي أو الإعلامي.
 نتمنى أن تكون هذه الخطوة التي تثلج الصدر بداية للتعرف على مشاكلنا و حلها، لأن التكاتف حين يكون بنية صادقة و بعزمة قوية و قلوب متصافية يمكنه أن يحل الكثير من مشاكلنا. والله من وراء القصد.

آخر الوحي:

أفتيان الخليج ولا خيارٌ
وإن زعم الدعاةُ ولا محيـدُ
و ليس هناك إلا من يطاطي
إلى المستعمرين و من يـذودُ
وما لضياعنا أملٌ يُرجّـى
سوى أن يُجمعَ الشملُ البديـدُ
فيالك أمةً قُسمت ثلاثاً
وعشريناً وتسألُ هل مزيـدُ ؟

محمد مهدي الجواهري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق