الأربعاء ١١ يناير ٢٠١٢
في مسرحيته التي تحمل ذات الاسم قام النجم عبدالحسين عبدالرضا بتمثيل شخصية الطاغية العراقي صدام حسين في قالب كوميدي أظهر فيه بعض ما تركه نظام صدام حسين في شعبه من مزيج من الرعب والتجهيل والحرمان، وما جره على دول جواره العربية والخليجية بالتحديد من اعتداءات وصلت أوجها في احتلاله للعزيزة الكويت رغم أيادي هذا البلد وشعبه وسائر دول الخليج عليه وعلى نظامه ووقوفهم معه في السراء والضراء حتى تغول وأمعن في طغيانه فأجهزت عليه أطماعه.
لا مجاملة في هذا ولا محاباة لأحد، لكن الغريب أن هناك من يمجدونه ولا أدري علام يمجدونه، على الملايين من الذين أبادهم ام الملايين الذين هجرهم أم الملايين الذين جر عليهم الإعاقات والعاهات وكل هؤلاء ليسوا سوى أفراد شعبه هو، مدنيون لا عسكريين، أكثرهم قتل حين قتل ضمن مجاميع لا بشكل فردي. فما يحمل أحدا على الدفاع عنه إلا ضعف عقله أو خواء فكره وتعصبه أو مسخ إنسانيته.
على هذه الشاكلة التي نجد فيها بعض من يمجد البعث العراقي قد نجد أيضاً بعض من يمجد البعث السوري، وكأن طغاة الشام يختلفون عن طغاة العراق، وإن كانت الأمة العربية لم تشهد لصدام مثيلاً وقد أعدم في إحدى جرائمه وليس أكبرها، وإن كانت أصغرها لا يكفي فيها إعدامه، إذ إن قاتل النفس الواحدة يعاقب قتلاً، فكيف بمن قتل ملايين الأنفس.
بعض من يمدحه، ويمدح أمثاله يرى فيه مشروع القوة العربية ويكون هؤلاء عادة من المنتمين إلى الحزب البعثي بالعضوية أو بالفكر، والبعض يرفع اسمه قبال إيران لحرب صدام معها، وآخر له أسبابه الطائفية التي يصرح بها حيناً أو يلمح لها أحياناً. ولهؤلاء المتعصبين الطائفيين ممن يمجد سيف البغي لينتصر به، سواء كان هذا السيف له أو عليه أستذكر بعض كلمات قالها العلامة المدني في خطبته الأخيرة في عيد الأضحى من عام 2003 قبيل الاحتلال الأميركي للعراق.
يقول رحمه الله:
“يعتدي الظالم على طائفةٍ منا فتصفق له بقية الطوائف، لماذا؟ لأنه يقول لهم هؤلاء شيعةٌ يريدون أن يأخذوا الأمر من أيديكم، وكأن الأمر في أيدي أهل السنة، فيصدقونه ويصفقون له، ويعتدي على طائفةٍ أخرى ويقول للباقين: هؤلاء نواصب يريدون أن يُفرِّقوا بين المسلمين، ويقتلوا من خالفهم، فننسى أنه هو الذي غذاهم بهذه الفكرة، فنرضى أن يعذبهم ويضربهم، وهكذا حتى قضى على الأمة بأسرها، أضرب لكم مثلاً بصدام” ثم يسهب رحمه الله بعد أن يذكر ادعاءات صدام وخططه الشيطانية إلى أن يرجع المثال إلى مطابقته بالواقع، فيقول “هل قضى على الشيعة وحدهم؟ أم قضى على العراق المسلم كله؟ أين البيوتات السنية العلمية التي كانت مزدهرةً في العراق؟ أين آل الآلوسي؟ أين آل البدري،؟ أين آل الزهاوي وغيرهم من البيوتات العلمية السنية؟ ألم يُبدهم صدام قبل أن يحاول إبادة الشيعة لو لم يأب الله عليه ذلك؟”-انتهى الاقتباس.
أقول إن صدام بالفعل لم يدخر دماً لم يهرقه، ربما لأنه يؤمن بالدم كدين له، أو ليس هو أول من أعلن أنه سيكتب القرآن بدمه؟ فيما لا أدري أهي محاولة لإظهار تعلقه بالدين، أم ليقول إن دمه طاهر دون دماء سائر الخلق!!
إن مشاريع الوحدة الوطنية والإسلامية يجب أن تكون عابرة للتمذهب، لأن من يخضع لمشاريع التفريق بين أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يظل أداة تستنفد غرضها وورقة تحترق بعد أول استخدام، والتاريخ لا يغفر قصر النظر لامرئ بعد أن يزوده بنظارة مصنوعة من خبرة أسلافه.
آخر الوحي:
قومي هم قتلوا أميم أخي
فإذا رميت يصيبني سهمي
فلئن عفوت لأعفون جللاً
ولئن سطوت لأوهنن عظمي
الحارث بن وعلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق