الأحد، 15 يناير 2012

رحلة الحسين الثانية









الأحد ١٥ يناير٢٠١٢


قد يبعث عنوان المقال على الاعتقاد بأنني أشير الى ان ذكرى الأربعين تمثل محطة جديدة من محطات قصة الامام الحسين، او ذكرى جديدة تضاف لذكرى عاشوراء. ولا ضير في ذلك رغم أنني لا اقصده. فالذكرى تمثل لحظة، بخلاف الرحلة التي تمثل فترة من الزمان او بمعنى آخر المسافة الزمنية بين لحظتين.
فالحسين عليه السلام بعد رحلته الأولى من الحجاز الى كربلاء، والتي انتهت في ظهيرة يوم العاشر بمقتله واهل بيته والمخلصين من الأصحاب انطلق في رحلة ثانية، محطتها الاولى كربلاء والنهائية كربلاء.
كان المشهد في ظهيرة العاشر من المحرم قد اتضح مع انجلاء غبرة المذبحة عن أجساد مقطعة لمجموعة صغيرة مع صيحات ابتهاج هستيرية من جيش عرمرم، استطاع ان يخط باقتدار وجرأة على حدود الله وقربى نبيه خطا احمر وسابقة ليس لها في تاريخ الإسلام من مثيل سابق او لاحق.
وابتدأت رحلة الامام الحسين مع ارتفاع رأسه المقطوع على رؤوس الرماح باتجاه الكوفة ثم الشام، في رمزية لا تخفى على انتصار جيش بني امية نصرا عسكريا باهتا، احتاج لكثير من الافتعال والتضخيم، ثم انتهى بسرعة بالفضيحة على رؤوس الاشهاد وانقلاب السحر على الساحر.
الشام التي زينت للاحتفال أشيع فيها خبر مفاده انتصار جيش الامير على جيوش الخوارج. لكن حقيقة الامر ان المقتول صاحب الرأس المعلى هو ريحانة رسول الله وسيد شباب اهل الجنة، قد خلقت ردة فعل عكسية انتهت بسب الحاضرين في مجلس يزيد لأميرهم واضطر إذ ذاك لإرسال السبايا من عيال الحسين عاجلا الى المدينة بدلا من مواصلة عرضه الباهت.
يبقى ان رمزية الرأس المقطوع على رؤوس الرماح تظل شاهدا تاريخيا على الفظائع التي ارتكبت بحق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أهله وذراريه، وصوتا يسمع صداه لآخر يوم في الدنيا، يفضح خروج حاكم الدولة الاموية الواضح على كل ادعاءات الخلافة والدين والإنسانية والعروبة.
واذا حاولنا تفكيك جوانب من رمزية الرأس نجد في ذلك كثيرا من المعاني التي شاء الله ان يخلدها في ذهن كل من يتأمل هذه الواقعة ويفكر في أبعادها.
فمن ذلك مصداق لشهادة الحسين ولكونه عالي الرأس وموافقا لمقولته الشهيرة «هيهات منا الذلة» حيث ظل رأسا معلى رغم قتله ناطقا وشاهدا على ما جرى من الفظائع.
ومن ذلك أن هذه الرحلة للرأس هي دليل تاريخي على تورط كل من حمل إليه الرأس سواء ابن زياد في الكوفة او يزيد بن معاوية في الشام ودورهم في الأمر بقتل العترة النبوية رغم محاولات البعض في الدفاع عن يزيد وان ابن زياد قد تسرع بهذه الجريمة دون امر من مولاه. الا ان المعتدلين من اهل العلم يرفضون الصورة الرومانسية التي حاول البعض رسمها ليزيد ورفضوا ان يسيروا في ركاب من يدافع عن قتلة ابناء الأنبياء.
ويظل المشهد المهيب للرأس حاضرا بين العاشر من المحرم والعشرين من صفر يبعث في نفس المحبين نفحات الاسى ولفحات التفجع النابع من مودة ذوي قربى الرسول الاعظم، لتكون كما قال رجل حين رأى رأس الحسين مرفوعا فقال مستدركا عليه: والله ان رأسك أعجب من أهل الكهف والرقيم.
آخر الوحي:
قم جدد الحزن في العشرين من صفر   ففيـــــــه ردت رؤوس الآل للحفر
آل النبي التي حلت دمــــــــــــــاؤهم    في دين قوم جميع الكفر منه بري
يا مؤمنون احزنوا فالنار شاعلـــــــة   ترمى على عـروة الإيمان بالشرر
ضجوا لسفرتهم وابكــــــوا لرجعتهم    لا طبتِ من رجعةٍ كانت ومن سفر
السيد هاشم الستري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق