الأربعاء، 21 مارس 2012

ابتسم، انت هنا...






الأربعاء ٢١ مارس ٢٠١٢


 حين تسمع عن نواب يلوحون بالاعتصام، وبكتابة العرائض بدلاً من الاستجوابات وحجب الثقة، ابتسم، فأنت هنا، في جنة دلمون المفقودة، التي بين ضفافها يدخل المسؤول الحكومي في مسؤوليته، فيكون كمن أعفي من كل مسؤولية، فلا رقيب أو حسيب، ولا خوف من أحد، فلم يسمع يوماً بمسؤول يحاكم بسبب التقصير أو الفساد.
حين تجد مسؤولاً يدخل على لجنة يفترض بها مساءلته في ظلل من الموظفين عن اليمين والشمال، فيفوق عددهم الثلاثين، ويدخل أخرى بأسئلة توجه الى من يفترض أن يسألوه لا أن يجيبوه، وتبلغ هذه الأسئلة عشر ورقات. هنا لا بد أن تبتسم، فأنت حيث بحث جلجامش عن سر الحياة.
ألا ترى كل عام أو عامين ناقلتك الوطنية تطلب الدعم من الدولة بمبالغ تصل بل وتفوق ربع الميزانية السنوية، وتجد عملية الموافقة على هذا التمويل أسهل من موافقة البنك التجاري على قرضك الشخصي ذي الأصفار الثلاثة؟ المقترض شركة من أكبر الشركات، وهي ملك للدولة، والمقرض هو الدولة، فلماذا العجب؟ ابتسم فأنت في أرض الخلود التي تخلد فيها الشركات الخاسرة ولا تموت.
حين ترى التويتر يخبرك بتجنب شارع ما لوجود مسيرة مرخصة عليه سببت ازدحاماً شديداً، بينما ستجد أيضاً في جهة أخرى من البلاد مسيرة مرخصة أخرى، فانك لا بد ستستعد للفعالية المسائية التي يتضمنها ربيع الثقافة حول طبول التايكو اليابانية التي أسعدت الجمهور البحريني كما ينشر موقع وكالة الأنباء.
حين تعرف أن ميزانية بلادك وقف النواب في وجهها بقوة وقالوا إنها لا يمكن أن تمر، ثم اكتشفت أن العائق هو عدم ادراج علاوة الغلاء وليس ما تحتويه الميزانية من أوجه القصور في التخطيط الاستراتيجي أو في صحة فرضياتها حول المدخول والمصروف، هنا يجب أن تقف وقفة تذكرها فيما بعد حين تبتسم لأمور أخرى.
ومن هذه الأمور أنك تسمع بغضب شعبي شديد يتلوه غليان نيابي مرتفع الأدخنة على أحد المسؤولين، لا بسبب سياسات الفصل والتوظيف ولا بسبب أوجه الخلل التي رصدتها الأجهزة الرقابية، ولا بسبب استمرارية التوقيف والتحقيق مع الموظفين لأشهر طويلة، ولكن لتمديد الدوام اليومي، فانك بلا شك يجب أن تبتسم.
حين تشاهد المجلس النيابي ينتفض بحزم ويرفض زيادة صلاحياته، ولسان حاله يقول إن صلاحياته الموجودة كافية وأكثر من كافية، وكأنه قد استطاع تلبية كل التطلعات، بل وفاق كل المأمول منه شعبياً ورسمياً، فلا بد أن تبتسم فرحاً بالانسجام التام بين السلطات التشريعية والتنفيذية.
حين تجد مسؤولاً يفترض أنه يمثل الجهة الراعية للفئات ذوات الاحتياجات الخاصة، والجهة الراعية لحقوق الانسان يجزم بأن ليس كل مقعد يحتاج للمعونة، دون احالة الحالات للجان الطبية للتثبت من ذلك، ومصداق هذا الكلام هو مرض السكلر الذي وصل معدل الوفيات بسببه في 2011 الى حالة وفاة كل عشرة أيام، والذي مازال مرضاه يحتاجون للرعاية الخاصة، الذي لا يتمكن مرضاه من مزاولة أعمالهم بشكل مستقر، الا أن مرضاه لا يحصلون على اعانة من الدولة كأصحاب احتياجات خاصة، ودون حتى عرض على اللجان الطبية للنظر في كل حالة على حدة بحسب حدتها. لا بد هنا أن تبتسم فأنت في جزيرة الابتسامة المشرقة.

آخر الوحي:

لاَ شأنَ لِي بالحُبِّ
ما شأنِي بِهِ؟
أنا خارج مِن جَنَّةِ الأحبابِ
لا مجدَ في الكلماتِ
لا تتوقَّعِي
أن تدخُلِي التاريخَ عَبْرَ كِتابِي
أَنَا أَبْتَرُ الأحلامِ
لا تاريخَ لِي.. لا شوقَ.. لا نسيَانَ
في أهدابِي
 أحمد بخيت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق