الأحد، 15 أبريل 2012

نتنياهو و باقي الشباب








الأحد ١٥ أبريل ٢٠١٢


منذ سنوات، و ككل عربي و مسلم، و أنا أتابع الأخبار و أركز على أخبار الكيان الجار الغاشم و التوسعي و العنصري، ولست أتكلم بالتأكيد هنا عن لغز، و أرجو أن لا يكون السياق الزمني للأخبار الذي صار يجعل أي تعبيرات من هذا القبيل تفسر بأنها مقدمة للكلام عن إيران مما أنسانا أن للعرب قضية كبرى تاريخية تسمى قضية فلسطين، صار آباؤنا بفضلها قوميين ناصريين، و دفعوا و دفعنا معهم في كل رسالة ثمن  طابع بريد سماوي اللون كان يذهب للمجهود الحربي. و بمعنى آخر فإن كل مواطن عربي كان لا يستنكف من أن يقدم ولو القليل لنصرة إخوانه و قضيته الكبرى، و كان كل واحد منهم يحلم بتحرير أولى القبلتين و ثالث الحرمين.
 و في متابعتي لهذه الأخبار كانت التعبيرات تزداد نعومة شيئاً فشيئاً، فالعدو المحتل، صار الكيان الصهيوني، ثم  صار القوات الإسرائيلية، و ربما غداً يصير إسرائيل الصديقة أو شريك السلام أو أي شئ آخر مما يعبر عن التطبيع التام و ربما علاقات الصداقة.
 الكثير من العرب جعلوا العداوة مع الصهاينة المنبثقة من قضية فلسطين لا تختلف عن معاداة اليهود و كأن الأمر لا يعدو طبيعة عنصرية سيئة نابعة من سوء أخلاقنا نحن. وخلافاً لهؤلاء الكثرة من العرب، أنظر لليهود كأصحاب ديانة سماوية، وديانتهم المختلفة لا علاقة لها بقضية العرب حتى و إن قامت الصهيونية على أعمدة من أهمها ما قيل عن حق اليهود في وطن قومي لهم اختير له أن يكون في قلب بلاد العرب، و اختير له أن يحاصر القبلة الأولى للمسلمين بحثاً عن هيكل سليمان ليكون شاهداً يدعم دولة الصهاينة و أن يسيطر على البلاد التي شهدت ميلاد السيد المسيح الإعجازي و دعوته.
 في السنوات الأخيرة لم تعد قضية فلسطين ولا حتى قضية السلام في الشرق الأوسط قضية العرب الأولى، بل لم يعد أحد يدعي أنها قضية مركزية لكل العرب. فالعرب الذين صاروا و لعقود مقسمين بين دول إعتدال و دول ممانعة تجاه السياسة الأمريكية بالطبع، انتقلت خلافاتهم شيئاً فشيئاً من موقف و أسلوب تجاه قضية إلى خلافات شخصية ستتمخض عنها ربما حروب طاحنة أو حروب غير مباشرة عبر دعم الأحزاب و الجماعات الساعية للتغيير مما سيسفر عن انقلابات و ثورات و زلازل داخلية شعبية.
 و بخلاف الحروب بين الجيوش النظامية التي تحمل معها أسلحتها و ولاءها و عقيدتها العسكرية، سوف تعتمد الفوضى الخلاقة المباحة الإستخدام بحسب دعوة و فتوى السيدة رايس على التجييش بحسب العقيدة الدينية و المستغلة في كل مركز من المراكز من قبل نظام سياسي ما يعمل كراعٍ لهذه العقيدة و يعمل على تحريكها و تنميتها لتنمو مصالحه السياسية و الإستراتيجية معها، لا حباً في الدين و لكن حباً في التوسع.
 الموقف الأخلاقي إذن ينحدر إلى أسفل سافلين، فالأخوة الدينية التي كانت في أجيال الممانعة و المجهود الحربي تحولت إلى نفعية  من ناحية الموقف السياسي تجاه الخارج و عدائية بين قيادات المعسكرات المتقارعة في الداخل و طائفية بين الشعوب و المذاهب، و هنا يتعمق الخلاف و يتجذر حتى يصل إلى رجل الشارع الذي كان أبوه المسلم لا يعرف مذهب جاره بينما اليوم يحذر إبنه من ذلك المذهب و أنهم شر الخلق. يتكلم الرجل هنا من منطلق ديني، إلا أن هذه النعرة التي لا تكتفي بالدعوة للمحافظة على الموروث بل تتجه لتشويه إنسانية الأفراد الآخرين لم تستيقظ وحدها، و إنما أيقظها تجار الطائفية عبر القنوات و المواقع.
 و المضحك أن هؤلاء الطائفيين المصنوعين مفضوحون بشكل غبي و سخيف بل و شديد الإبتذال. ففي قنوات يفترض أنها للدعوة المذهبية أو حتى لمهاجمة المذاهب الأخرى صراحة و علناً، يختفي فجأة موضوع الخلاف العقدي و تحتل قضايا الأزمات الداخلية للدول برامج هذه القنوات، و تضاف إلى برامجها برامج قد تخالف الرسالة المعلنة للقناة، فتجد مقدم البرنامج ليبرالياً لا ديني مشهوراً بعدم التزامه و ربما بمهاجمة التدين، إلا أن المصالح المشتركة و الرسالة غير المعلنة للقناة تقتضي ذلك الإبتذال.
 نعم،هذا هو حالنا اليوم، تشعل الحروب بين الشعوب بإسم المذاهب إما حفاظاً على الكراسي أو طلباً لها، و بينما تزيد الشقة بين الإخوة تتقارب العلاقات أكثر فأكثر مع العدو المحتل الذي يتواصل تجميل إسمه حتى اقترب أن تعبر عنه نشرات الأخبار بعبارة “نتنياهو و باقي الشباب”.
 آخر الوحي:
و رأيتك..
تقسم أيامك ما بين التبغ و بين الحب...
شئ من تبغ مع بعض الحب مضرٌ...
لكن الحب بلا تبغٍ..؟
قاتل !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق