الأحد 15 يوليو 2012
لا أعلم إن كان سيعتبر ما أقوله ذا بال أم سيعتبر كلاماً لا قيمة له. بدأت الحكاية و نحن نتكلم مع بعض الأصدقاء عن إجراءات استخراج البطاقة الشخصية، فتكلم أحدهم عن إمكانية شراء رقم شخصي مميز للمواليد الجدد. أي للتوضيح، يمكن للوالدين دفع مبلغ إضافي عند تسجيل قيد المولود ليحصل على رقم شخصي متناسق الأرقام.
للوهلة الأولى ذهلت و ظننت أنني ضحية لمزحة أو مقلب، و لو كان موظف قيد المواليد هو الذي عرض علي هذا العرض، لضحكت باحثاً عن الكاميرا الخفية، إلا أنني و مع تأكيد الكلام من صاحبي مرة أخرى و استشهاده بأكثر من شخص يتكلمون عن نفس الموقف، لم أتقبل هذا الموضوع بتاتاً رغم تصديقي لما نقل لي.
وحين قمت بإشعال جهاز الكمبيوتر، و دخول موقع جوجل “العظيم” كتبت كلمتين هما “رقم شخصي” فاقترح علي مباشرة عبارة “رقم شخصي مميز”. و كأنه يقرأ أفكاري و ما أود كتابته. و بالفعل قمت بإختيار هذا الخيار لأجد نفسي أمام صفحة تابعة للجهاز المركزي للمعلومات، تعرض هذه الصفحة شروط و أحكام الخدمة و التي تقسم الأرقام المميزة إلى 3 فئات. أولى هذه الفئات تكلف مائة دينار، و الثانية بخمسة و سبعين ديناراً، فيما تكلف الفئة الثالثة خمسين ديناراً.
إذن فالكلام حقيقة و ليس مزاحاً، و هذه من المصائب التي يقال عنها “شر البلية ما يضحك”. و كمواطن يحق لي إبداء رأيي في الظواهر و الإجراءات، فإنني لا ادري بماذا أصف مثل هذه الخدمة، و ربما طلبت الإستعانة بصديق.
قائل قد يرد علي بمقولة المصريين “اللي ما عندوش، ما يلزموش” و قارئ آخر سيقول “لماذا تحجر على من يبحث عن التميز؟” و ثالث سيقول “لو لم يزعج المراجعون الموظفين بالإلحاح لما استحدثت هذه الخدمة”. و رابع سيتساءل “و ما الذي اختلف بين تسعير أرقام السيارات و الهواتف و الأرقام الشخصية؟”.
و هنا أبدأ بالسؤال الرابع فأقول أن التنافس على الأرقام المميزة حين يبدأ من الناس كما في أرقام تسجيل السيارات فتحاول مؤسسات الدولة ترشيده فهذا مقبول، أما حين تتبناه الدولة فهنا يكون الأمر عجيباً. أقول حين يكون الرقم قابلاً للتداول فيما بعد، فمن المعقول أن يدفع الإنسان ثمناً قد يمكنه استرداده فيما بعد بالبيع. حين يكون الرقم يضفي ميزة تجارية كرقم الهاتف ،أو يكون مكملاً لفخامة المركبة التي يستقلها الإنسان بسبب وجاهة إجتماعية معينة، فهذا أمر آخر. و لكن ما الذي يحمله من ذلك الرقم الشخصي؟
يرد سؤال هنا، إذا كان الأمر كما أقول، فلن يكون هناك شخص يتقدم لهذه الخدمة، ففيم الكلام؟ و أقول أن طبيعة المجتمع الإستهلاكية ستجعل هذا الأمر من موضة طارئة لتحوله إلى ضرورة، و ربما رأينا من يتساءل إن كان يجب على الوالد أن يحسن إختيار الرقم الشخصي كوجوب إختياره للإسم الحسن.
ثم لننظر للمبالغ المرصودة كتسعيرة لهذه الخدمة، فنجد أنها مبالغ فاحشة الغلاء بالنسبة للخدمة التي سيتم تقديمها، فالخمسين دينار التي تدفع كحد أدنى، هي نفسها التي تدفعها الدولة لأسرة كاملة لمساعدتها على تحمل الغلاء، أليس ذلك غبناً للمشترك من ناحية و بطراً منه على النعمة، أم أننا يجب أن نراجع مستوى علاوة الغلاء التي هي بأدنى مستويات هذه الخدمة؟
و ختاماً، فكنت أتمنى أن نجد إبداعاً في أفكار تخدم المواطن و تزيد استفادته من الخدمات بدلاً من الإبداع في بيعه ما لا يفيده، هذا رأيي كمواطن، و أنتم؟ ما رأيكم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق