الأربعاء، 27 فبراير 2013

وصايا أب لا يلوم الضحية







الأربعاء 27 فبراير 2013

أب يقول لابنه الذي يقل عن الخامسة عشر عمراً: بني اخرج للشارع واعبره، لا تعبأ بالسيارات المسرعة. أنت لك حق عبور الشارع، وإذا أصابك حادث من سائق مسرع لا يلتزم بالقانون فهو ذنبه. لا تلتمس السلامة ولا تبحث عن الحذر ولا تجتنب مواطن الخطر.
بني ليس خارج البيت أصحاب سوء، فأنت أكبر من أن تستغل، ليس هناك في مجتمعك إلا حملان وديعة تنفع ولا تضر، كلهم إخوانك وكلهم يريدون لك الخير، لن يحاول أحدهم أن يجرك إلى طريق فيه مضرتك ليستفيد على حسابك، وإذا حاول أحدهم فأنت قادر وحدك أن تكشف ذلك كله.
بني، دراستك والنجاح فيها هو قرارك، وأنت تختار طريقك ومصيرك، اختر الطريق الذي تريد، فأنت الأقدر على تحديد مصلحتك. بني، إن كنت تريد فعل شيء فافعله، وليس للناس الحق في مصادرة حقك بدعوى أنك تضيق عليهم حياتهم وتؤذيهم أو تجر عليهم البلاء.
الحذر غير واجب عليك، فقد قمت بواجبي نحوك حين أبديت لسواك ما لك من حق، لن أنصحك، فواجب النصح علي يقع نحو الآخرين فقط لكي أضمن ألا تتأذى، فإن وقع عليك ضرر فذنبهم وحدهم، لا ذنبي ولا ذنبك.
هذا ما قاله أحد الآباء لابنه، أو كافل لأيتام وهو يخاطب من هم تحت كفالته، أو ناصح أمين لمن ينصحهم، ليتجنب أن يلوم الضحية، ليكون عند الناس محقاً في زمن تجب فيه النصيحة للجار قبل الابن، وللأبعد قبل الأقرب. هذا لأن من يقول أي كلمة أو رأي لا يكون إلا خائناً إن كانت كلمة نحو إطفاء نار أو إخماد فتنة.
هذا لأننا زمن يغلب الشحن فيه من كل الاتجاهات لغة المنطق والشرع والقانون، زمن يكون فيه إلقاء الإنسان بنفسه في الخطر ومواجهة مصيره هو الصواب، زمن لا يكون فيه للأب إلا مهمة الإنفاق ربما ولا يفتح بابه صباحا أو يغلقه مساء. زمن يكون فيه المد البشري متقدماً على من يفترض أن يسيروا أمامه ويوجهوه. زمن يكون فيه الناصح خبيثاً، أو متخاذلاً أو قابضاً للثمن.
متى يأتي مثل هذا الزمن، يأتي حين يكون هناك من يقوم باستثمار بأرباح موعودة فيظن الناس كل الخير قادماً منه أو لا يريدون أن يروا غيره، ثم يكتشفون أنه يأخذ من مال هذا ويعطي هذا، لا كرما منه ولا عبقرية وحذقا في التجارة. يأتي هذا الزمن حين يقول كل إنسان أنني واحد من الناس إن أصابوا أصبت وإن أخطأوا أخطأت. يأتي هذا الزمان حين يصبح من الطبيعي أن ممارسة السياسة مصدر للويلات بدلا من المكاسب، يأتي هذا الزمان حين تكون نخبة المجتمع محبوبة، فلا يتحقق مصداق “لا تحبون الناصحين”. زمان تسود فيه لغة الغاضب، فلا أحد يستمع ولا أحد يرى ولكن الجميع يتكلم.
عندها يصير الأب الذي يسلم أبناءه لكل المخاطر بشتى أنواعها هو الأب الأمين الذي يمنح أبناءه كل الحرية ولا يزعجهم بأي نصيحة فيها وصاية عليهم. عندها، ترى نفسك تكلم الناس جميعاً بلغة الأقربين فيرد عليك بلغة الأبعدين، سآوي إلى جبل يعصمني من الماء. لغة مثل هذا الأب المستسلم هي اللغة التي يريدها من تنصحه فيجلدك ويقول لك أنت تساوي بين الفعل ورد الفعل وبين الضحية والآخرين، فيحرمك أنت وحدك من حرية الرأي التي ينشدها ويحرم نفسه من حقه في النصيحة.

آخر الوحي:
كانت مودة سلمان لهم رحماً
ولم تكن بين نوح وابنه رحم

أبوفراس الحمداني



الأحد، 24 فبراير 2013

أتاك الربيع و الروزنامة





الأحد 24 فبراير 2013


ها قد بدأت إعلانات ربيع الثقافة تنتشر في الشوارع، ويستعد معها نوابنا الأفاضل لمواجهة جديدة مع وزارة الثقافة على ما يبدو. فلا أذكر أن عاماً من الأعوام مضى دون سيل من المواجهات مع هذه الوزارة و بين النواب. و رغم أن كل إنسان يحتفظ لنفسه بالحق في التعبير عن آرائه بالوسيلة التي يراها سواء كان نائباً أو وزيراً أو فرداً من أفراد المجتمع، إلا أن النمطية التي اعتاد عليها الناس في معالجة القضايا صارت مملة و محفوظة و ينبغي على النواب دراسة أسلوبهم في التعاطي مع القضايا في إطار الصلاحيات الدستورية و الأدوات التشريعية و الرقابية المتوفرة.
هذا الأسلوب النمطي الذي أتكلم عنه هنا يتعلق بجدول أعمال و ما يرتبط به من جدول مواضيع و معه للأسف جدول لأسلوب المعالجة. فنوابنا الأفاضل عندهم تواريخ في السنة لدراسة الميزانية، و تواريخ لدراسة الحساب الختامي، و تواريخ لدراسة تقرير ديوان الرقابة ،و معها تاريخ للفورمولا و تاريخ لربيع الثقافة، بالإضافة للمناسبات و الأعياد، التي صار من النمطي أن تتكرر إقتراحات برغبة يسمع عنها الناس ثم لا يرون منها المردود المتوقع.
الحساب الختامي وتقرير ديوان الرقابة يحصل معهما دوما شيء من الإثارة الوقتية، و الميزانية و ما يصحبها دوما من مطالب الرواتب وعلاوة الغلاء، و هكذا دواليك دون أن يخرج شيء من الدوران حول الساقية سوى المزيد من الأخبار التي تملأ الجرائد ربما دون تمكنهم من  جدوى.
نبدأ هذا العام و بإنتظار الحدث الساخن، سيبدأ نوابنا في التحرك في ذات القضايا النمطية و بنفس الأسلوب النمطي غير المثمر. ربما يلحقنا في ما بعد شيء من آثار و محاولات التجديد، و لكن الغالب أن موقف المجلس سيكون ذاته هذا العام أيضاً.
و نحن نتكلم عن النواب أنفسهم خصوصا و هم يستخدمون  أسلوب المعالجة النمطي فليس لأننا نقصد القدح مرة أو أخرى في شخوص دون غيرهم. إلا أننا لا نرى تقدما مذكورا في أمر معالجة القضايا الأساسية و طريقة طرحها في المجلس، برغم تغير الفرقاء الموجودين تحت قبة البرلمان، اللهم إلا من تغير كلمات بعض الخطب الحماسية التي يلقونها.
و سؤال يطرح نفسه كل مرة، هل للنواب القوة الكافية للظهور بشكل مختلف و استخدام أدواتهم بصورة مختلفة، و هل هم يستغنون عن استخدام أدواتهم بتقديرهم الخاص لمحدوديتها، و ينظروا لما يحق لهم دستوريا مما لا يحق لهم، وحينئذ يباشرون بمراجعة جادة لملف أعمال هذا العام، لإعداد خطة متكاملة و تنسيق المواقف بصورة كافية قبل بدء الجلسات المهمة و يديروها بحرفية توازن بين محتوى المداخلات و محتوى مواقف التأييد و الرفض و الإمتناع.
لم يكن جديدا في الموقف من تقرير ديوان الرقابة، فيما اعتبر بعض المراقبين من النواب السابقين الموقف من الحساب الختامي غير كاف ولا مشجع، و لذا سيكون الموقف من القضايا القادمة على الرزنامة محط أنظار الجمهور لتؤكد لهم وجود الشيء أو اللاشيء، الجديد أو اللا جديد من مواقف النواب تجاه القضايا الهامة أو التي تعتبر هامة في نظر الناس.
المتوقع هو ردة فعل قوية من النواب المحسوبين على الإسلاميين حالياً، أو التعقل في الخطابات السابقة قبل أن يدخلوا في مواجهات ليس لها طائل مع الحكومة و الناس. ذلك أن ما يناقشه المجلس و مدى واقعيته و جلي صورته للجمهور هو ما يجعل الناس تؤمن بالمجلس و عمله. و ليتذكر نوابنا أنه بقدر ما تكون هناك مصالحة في المنزل، بمقدار ما يكون هناك ثمرة يراها الناس لأي حراك دون أن يصابوا بالإحباط بعد أن حفظوا الرزنامة و سئموها.

الأحد، 17 فبراير 2013

أعطني عقل طفل



الأحد 17 فبراير 2013

اشتهر بين علماء النفس القول ان الطفل هو إنسان ذكي وذكاؤه يفوق ما نتصوره. قد يكونون يتكلمون أكثر ما يتكلمون عن الذكاء الاجتماعي للطفل إن صح التعبير، وقدرته على الوصول لمآربه عبر الضغط على البالغين أو الاحتيال عليهم بأساليب مختلفة، أو قد تكون مزاوجة بين الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي. إلا أنني لا أعتقد أنهم يتكلمون عن البناء المنطقي للطفل، أو قدرته على رد الجمل المنطقية المتناقضة وتمييزها عن الجمل المنطقية السليمة. إلا أنه يبدو أن الطفل هو بالفعل أيضاً متمكن من هذه الناحية بمقدار لم نتكلم عنه من قبل.
نعم، غاية ما يمثل نقطة ضعف للطفل هو محدودية معلوماته، إلا أن الجمل المنطقية التي نزوده بها في صغره وتتفق مع فطرته وتوقظ إحساسه بهذه الفطرة هي أحجار زاوية وصندوق أدوات يغرق في استخدامه بحيث يصبح في فترة وجيزة متمكنا منه وقادراً على مضاعفته في سرعة ينمو معها تفكيره في سرعة قد تتناسب أو تفوق نموه البدني، وهنا ينبغي الحذر من العبث، لأن أي أحجار هشة أو رخوة نضعها، ستفرز فرداً متوجساً من المحيطين به ما يلبث أن يرد علينا بضاعتنا الفاسدة بطريقة أو أخرى.
وعلى هذا المنوال يجد الوالد طفله أو طفلته الصغيرين يسألانه عن أمر غريب يشاهدانه ويترقبان تعليقه عليه ثم ما يلبثان أن يشيدا بكلام الأب إن تناسب وتجانس مع المخزون العقلي أو يصمتان ليعيدا التفكير في المسألة ويركبا الحجر الجديد في موقعه في هذا العقل الغض في سلسلة لا تنتهي من التساؤلات التي يعيشها الإنسان، إلا أنه مع الزمن يجد مصادر جديدة للعلم والمعرفة بعيداً عن المصدر الأساسي الأولي في اتجاه متصاعد الاستقلالية حتى يستقر نمط التفكير نسبياً وتخفت تلك الحدة في تقلباته.
تعرض عليه طفلته تصرفا ما باعتباره جديداً عليها، فإما أن يسهب في الموضوع معها أو يجيبها بكون هذا التصرف صواباً أو خطأ، وينبغي الحذر هنا، فالصواب لابد له من تعليل، وكذلك الخطأ، ولابد أن تلحق سمة أو وصمة بمرتكب هذا التصرف، ومن هنا يكون بناء النموذج الأخلاقي للطفل، والذي قد يعيش مع الطفل طيلة حياته. وبعيدا عن النموذج الأخلاقي، فإنه ما لم تكن الأسباب منطقية، فإننا نخلق فجوات ونضع قطعا رخوة في بنائه المنطقي تجعله فيما بعد غير قادر على الوصول إلى النتائج المنطقية ولا الاستقلال بذاته العقلية.
وهنا تكمن صعوبة أن يعيش الإنسان في فترة يغلب عليها عدم الاستقرار، فلا يسود فيها الالتزام بنهج سلوكي صحيح، ومن ثم تأتي التبريرات للسلوك الخطأ، فيتعرض العقل الناشئ لهزاته الأولى التي يجب دعمه فيها ليصمد فلا يتهاوى ولا يتزلزل في سنواته المقبلة.
مفهوم يتفق مع الغريزة أو الفطرة هو مفهوم حب البقاء وتجنب الهلكات، وفي مقابله مفهوم الشجاعة والإقدام، وكلاهما مفهوم نبيل الغاية في موضعه، أحدهما يقع فوق الجبن وثانيهما يقع دون الطيش والتهور. كلاهما يجب أن يوضع مميزا يميزه عن ما يشبهه وينقله من خانة الغريزة الفطرية إلى خانة الهدف النبيل والقرار الواعي وإلا صار طبعاً من الألفة أو الشراسة لا قيمة له يتحول معه المرء إما إلى معزاة أو إلى ذئب، يتصرف في جميع المواقف بنفس التصرف بحسب الطباع لا بسبب ما يمليه العقل ولا الدين ولا المبادئ والمثل التي هي المقاييس الأهم لقياس المصلحة بصورة أعم وتمييزها من المفسدة.
مفهوم مثل مفهوم حماية القانون وأخذ المسيء إلى عقابه يتهدم على صخرة الواقع حين يجد الطفل والده أو أخاه يعاقب بلا جريرة. مثلما أن مفهوم الدين هو مصدر الفضيلة والمدافع عنها يتهاوى مع أي سلوك خاطئ يشيع في المجتمع فلا يجد رادعاً ولا نكيرا من الناس عموماً أو ممن يتخذه الطفل مثلا أو قدوة خصوصا.
وبعيداً عن طرح الأمثلة المتكثرة على السلوكيات والتصرفات الخاطئة التي نشاهدها هذه الأيام من مختلف الأطراف، فإن سلسلة التبرير الطويلة لوجودنا في هذا الوضع غير مجدية في الشرح. فلا يمكننا أن نزينها أو نزين من يرتكبها في أعين الأطفال وإلا خلقنا جيلاً لا يحمل أي شيء من القيم الحقيقية. ذلك أن التصرفات الخاطئة تصنف من يفعلها عند الطفل تحت خانة الأخيار أو الأشرار، وربما خانة إضافية تحمل شيئاً من المعذورية المؤقتة وهي خانة الأغبياء.
هذا العقل البريء والواضح في مناطق الأبيض والأسود هو ما يمكننا من تدارك مثل هذا الوضع، فإما أن نحافظ عليه أو نجني على نموه بحسب أمانتنا في التعامل معها. وعن نفسي فإني أحار كثيراً حين تمر سيارتي على أي مشهد من مشاهد هذه الأزمة أو تتسلل إلينا رائحة من روائحها، ماذا أقول حين تسألني عن تصرف خاطئ تراه؟ وماذا تفعلون أنتم في هذه المواقف؟ الإجابة مهمة وتحمل معها الكثير من المفاتيح، وتدفعنا مجدداً للتفكير في هذا الواقع بصورة نجنبهم فيها ما نحن فيه من حيرة، لنفكر بعقولهم فربما كانت أكثر منطقية.

آخر الوحي:
إنّني أشهد في نفسي صراعا وعراكا 
وأرى ذاتي شيطانا وأحيانا ملاكا 
هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكا 
أم تراني واهما فيما أراه؟ 
لست أدري! 
إيليا أبو ماضي

الأربعاء، 13 فبراير 2013

سائق التاكسي و الحوار







قام الأردنيون بتلوينه للسخرية من غلاء البنزين






الأربعاء 13 فبراير 2013



في زيارة الى أرض الرافدين، يستشرف الزائر ويحاول تلمس التغييرات التي طرأت على حياة العراقيين، فيشاهد ويبحث ويستمع، وككل بلد آخر، يبدأ حوارك دوما مع رجل الشارع الأول وواجهة البلد، الذي يصور للسائح البلد جنة أو جحيما، ويغمره بالسعادة أو يغمسه في البؤس.
أخذ سائق التاكسي يتكلم عن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وما يراه من أن الرجل هو الأفضل على الاطلاق وأنه هو أمل العراقيين. ثم قال ما يزعجني في برنامج العمل السياسي اليوم هو المحاصصة، ولو أن الكتلة الفائزة هي التي تقوم بتشكيل الحكومة منها كحكومة أغلبية لكان حالنا أفضل. قلت له: ألا تعتقد أن حكومة من طيف واحد وبرلمان من نفس الأغلبية سيتحولان الى الصورة التي تقول لا أرى لا أسمع لا أتكلم. ستتعطل الرقابة وسيكون الأداء غير مرض للناس دون أمل في تغيير الوزير غير المنتج أو الرقابة على أي فساد يقوم به.
ثم قال لي حينها: أتعلم، انهم يريدون أن يضعوا حدا أقصى لرئاسة الوزراء فلا حكم لأكثر من فترتين!! نظر الي منتظراً نظرة تعاطف، فأجبته أنه بغض النظر عن كون المالكي جيدا أو غير جيد، فلا أعتقد أنكم تخلصتم من حكم صدام لتفتحوا المجال لأي شخص آخر ليقبع مكانه، هذه هي الديموقراطية التي تتكلم عنها وهذا ما تتوقعه منها.
ثم سألت الرجل الخمسيني سؤالاً صريحاً، ماذا تغير عندكم الحال عن فترة حكم صدام؟ قال تغير عندنا أمران، وجدت لدينا ولله الحمد حرية دينية لم تكن أبدا موجودة في الثلاثين عام الماضية، فصرنا نستطيع ممارسة شعائرنا بحرية وها أنت ترى العراق في المواسم كيف يعج بالزائرين. طالت عنقي هنا  واشرأبت وقلت له أن الحرية الدينية في البحرين موجودة منذ القدم لم تتغير منذ قرون. سكت هنيهة ثم قال لي: والأمر الثاني الذي تغير هو حرية التعبير اذ صرنا اليوم نستطيع الكلام عن أي أمر وأي شخص بلا خوف.
وهنا بادرته بالسؤال، فما الذي افتقدتموه في السنوات العشر الأخيرة فقال: افتقدنا في الاقتصاد أسعار البنزين، فما كنا نصرفه لملء الخزان صار يكفي للتر واحد من البنزين. وافتقدنا الأخوة فما كنا من قبل نعرف مذهب الآخر ولا دينه بل نعيش كعراقيين، بينما صارت المذهبية والطائفية عنصرا واضحا في الحياة اليومية. ضحكت هنا مخففا من نبرة الحزن التي علت صوته وقلت له، أما هذه، فموجة الطائفية تصاعدت في كل المنطقة وليست شأنا خاصا بالعراق، ولا بد أن يتجلى ظهورها أكثر مع لعب السياسيين على هذا الوتر واستغلاله في السباق الانتخابي.
ما أوصلته للرجل ولسواه ممن قابلتهم في أي بلد وفي العراق خصوصا، هو أن المأساة المرسومة في أذهانهم للوضع في البحرين هي أكبر بكثير من الوضع الحقيقي. البحرينيون جميعهم وان كانوا يعيشون في ضيق نفسي شديد لأنهم لعامين يرون بحرين مختلفة عما ألفوه، ولأن الوضع متوتر بالفعل، وهناك الكثير من المشاكل التي تستدعي عملا جادا دؤوباً لحلها. الا أنهم يمارسون حياتهم اليومية ويجيئون ويذهبون. الوضع لم يكن يوما عراقيا أو لبنانيا ولا سوريا ولا نتمنى له أن يكون أبداً.
هذا الوضع الذي لم تتعود عليه البحرين وأبناؤها والذي ينتظر الحل سيأتي له الحل يوماً ما، وكلما أسرعنا بلملمة الاختلافات وخلق حل طويل الأمد، ستعود الينا البحرين أكثر قوة ومنعة وأكثر تحصينا من موجات الشرق والغرب والتشدد والفلتان، ودون الوضع السياسي عندنا أمور كثيرة يجب أن نعمل من أجلها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. هل يمكننا أن نعول على الحوار الذي بدأ هذا الأسبوع ليكون بوابة الحل؟ هذا ما نتمناه وما ستكشفه الأيام القادمة. حفظ الله البحرين وأهلها من كل سوء.

آخر الوحي:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبق الا صورة اللحم والدم
وان سفاه الشيخ لا حلم بعده
وان الفتى بعد السفاهة يحلم

زهير بن أبي سلمى


الأحد، 10 فبراير 2013

ذاكرتنا المهترئة

















الأحد 10 فبراير 2013


في أحد الأفلام الممتعة من حيث اللفتات الرمزية والفلسفية، تحت اسم “خمسون موعد أول” يلتقي البطل بفتاة فيتبادلان الإعجاب، ثم ما يلبث أن يلتقيها ثانية في ذات المكان فتنكر أية معرفة لها به. وأمام حيرته الكبيرة، تحذره صاحبة المطعم من العبث بقلب المسكينة، ثم تخبره أن هذه الفتاة هي ضحية حادث سبب لها خللاً أو شرخا في دماغها في الجزء الخاص بذاكرتها القصيرة الأمد. إنها لا تستطيع أن تختزن في ذاكرتها أية أحداث لاحقة لليوم الذي صادف يوم الحادث. وبمعنى آخر فهي مازالت لا تعرف انها تعرضت لحادث. إنها تصحو كل يوم على اعتبار أنه ذلك اليوم السعيد الذي ستحتفل فيه بعيد ميلاد والدها.
من الظلم أن نتهم أباها والمحيطين بها بالخداع، فهم كلما حاولوا إخبارها بالحقيقة أصيبت بالصدمة، ثم ما تلبث أن تنام وتصحو مجدداً وهي لا تتذكر شيئاً من هذا كله. مازال والدها يحتفظ بعشرات النسخ من صحيفة ذلك اليوم، ومازال يحتفل معها كل يوم رغم ضجره بعيد ميلاده، ومازال يحتفظ بشريط مسجل للمباراة التي كان يفترض أنها ستحدث ذلك اليوم ليشاهده أخوها المغرم بالرياضة على مرأى منها، ومازال يشاهد معها ذلك الفيلم الذي أعداه لذلك اليوم لقضاء عيد ميلاد مميز لوالدها المحبوب. كل هذا يحدث يوميا بصبر بالغ من كل المحيطين.
بعد أن قابل أباها وعلم بكل شيء، أصر الفتى أن يحاول بشكل يومي إثارة انتباهها بطريقة مختلفة، فما ينجح اليوم قد لا ينجح في الغد. ثم قام بإعداد شريط يروي لها قصة حادثها، ويظهر هو فيه، وكان هذا الشريط هو أول ما يعرض عليها لتشاهده صباحا ثم تبكي وتنهار قليلا ثم تواصل حياتها لتستمتع بأربع وعشرين ساعة مختلفة غير مكررة ولا مخدوعة، وتستمر رحلة حياتهما بالتوثيق وربما بالتوفيق.
ورغم المعنى اللطيف والرسالة الودودة التي تقتنص من الأحداث بأن الإنسان ينبغي أن يجعل  من كل يوم جديد مناسبة للتعبير بطريقة مختلفة عن محبته للآخرين وألا يعتمد بشكل كلي على الذكريات الجميلة السابقة، فهو يحمل رسائل أخرى يمكن ترجمتها بأشكال مختلفة منها السلبي ومنها الإيجابي. فمن الرسائل السلبية التي يمكن اقتناصها هو أن من تحسن إليه اليوم لن يذكر صنيعك غدا، فلابد أن تقدم في كل يوم صنيعا يراك به في أبهى صورة، ولعل حمل الفيلم لهذا المعنى تجاه امرأة يقدم مشاكل أكبر.
إلا أن الفلسفة التي يقدمها الفيلم بعيدا عن معاني الرومانسية، حين نعمم الفكرة أكثر، هي صورة عن ذاكرتنا المهترئة وكيف أن المدى الطويل في حياتنا مهما كان اساسياً، إلا أنه يتحول إلى ريشة في مهب الريح أمام الأحداث اليومية التي بإمكانها أن توجه حياتنا إلى اتجاهات مختلفة لا نملك السيطرة عليها ونحن تحت تأثير هذه المؤثرات قصيرة المدى.
نعم، كثيراً ما يختفي السؤال المهم عن الهوية قبل تحديد صحة تصرف ما، أو على رأي الإعلان التجاري “إنت مو إنت وإنت جيعان”، ففي مؤثرات قصيرة المدى أو لحظية، ينسى الحليم حلمه ويتجاوز العاقل عقله، وتتحرر النفس التي تبطش تحت تأثير العصبية أو الأخرى التي تزهو فتحرر الطاووس داخلك أو أية نزعة أخرى لم نكن نتمنى لها الظهور. حين يصنف الإنسان لنفسه منظومة معينة من الأخلاق والتصرفات، فيجب أن يحاذر كي لا تنحدر نفسه إلى منحدر سحيق يدفعه إليه جنون اللحظة بغض النظر عما ينساه لنفسه من مكانة معينة من الأخلاق لا تتناسب معها بعض تصرفاته المثارة فيتجه إلى اتجاه لا تحمد عقباه. ليس هناك رد فعل طبيعي وآخر غير طبيعي، هناك انسياق وراء الحدث ينسى معه كل صاحب هوية أو قناعة حقيقة قناعته أمام رغبته التي هي مؤثر لحظي ما يلبث أن يزول.
نعم ينسى الأطباء والصحافيون والمدراء وحتى رجال الدين أهدافهم ورسالتهم أمام حدث مزلزل، فتنحسر ذاكرة بعيدة أمام ذاكرة قصيرة تطول شيئا فشيئا وتتضخم وربما تتحول إلى اصل بدلا من كونها حالة طارئة. هل نحتاج أن نذكر أنفسنا كل يوم من نكون، لنقوم بتصفية ما نقبله وما لا يصح أن نقبله، أم أننا صرنا مجردين من الذاكرة، ضحايا للقضايا الكبرى، التي جعلناها غطاء نغطي وعينا به ونلحفه بغية الوصول إلى ما نبتغي ونتمنى. إن ما نسميه تحت تأثير تتابع الأحداث قضية كبرى هو نفسه ذلك الحادث الذي يشرخ ذاكرتنا فتصير مهترئة مبتورة الأجزاء، قد ننسى معه من نكون أو ماذا يجب أن نفعل، أو نخسر ما استفدناه من دروس ماضية، خبرنا من خلالها معدن بعض الرجال أو عرفنا كيف تدبر الأمور بليل أو نهار. ويبقى هناك من لا ينسى فيقرر ما يذكرنا به وما ينسينا إياه.. ما يسجله وما يمحوه في تلك الذاكرة المهترئة.

آخر الوحي:
قد رأيت الحسن ينسى مثلما تنسى العيوب
و طلوع الشمس يرجى مثلما يرجى الغروب
و رأيت الشر مثل الخير يمضي و يؤوب
فلماذا أحسب الشر دخيلا، لست أدري!
إيليا أبوماضي

الأربعاء، 6 فبراير 2013

الحوار المرتقب









الأربعاء 6 فبراير 2013


ها نحن نقارب ذكرى الرابع عشر من فبراير وهو شهر ذو شجون ويحمل ذكريات عديدة، منها ما هو مرتبط بالأمل ومنها ما هو مرتبط بالألم، ولعل ذلك يلوح لنا اليوم كمحطة اختيار واختبار لنتجه الى أحد الطريقين، ليسجله التاريخ ويحسبه لنا أو علينا.
يلوح مع ذكرى الميثاق وذكرى أزمة 2011 اعلان دعوة للحوار يفترض أنه سينعقد في العاشر من الشهر الجاري، بعد انتظار طويل من الجميع، كما لو أن الجميع بات يدرك ضرورة الحوار كحل للأزمة وللخروج بالبلد من الدوامة التي بقيت تراوح فيها في العامين الأخيرين.
وبعد فترة من الغموض والتصريحات المقتضبة حول الحوار التي لا تكاد تبل ريق الظمآن، جاء المؤتمر الصحفي لوزير العدل حاملاً معه بعض التوضيحات حول توقيت وشكل ومدة الحوار. فالحوار الذي سيبدأ الأسبوع المقبل سيشارك فيه 8 مندوبين عن المعارضة و8 عن جمعيات تيار الفاتح و8 برلمانيين مستقلين بالاضافة الى وزيرين، فيما لا يوجد أمد زمني محدد لانتهاء الحوار.
وفيما نتفق مع الحوار كمبدأ، بل نعتقد أنه هو المنهج الصالح والمنبثق من الدين والأخلاق والسلوك الحضاري، فكذلك نعتقد أنه ينبغي الالتفات لعدة أمور لكي يحقق مثل هذا الحوار أهدافه والتوصل لحل للمشكلات السياسية الطارئة ووضع خارطة طريق لتجنب الهزات المستقبلية لأن من يهمه مصلحة بلاده يجب أن يعمل ليجنبها أن تكون عرضة لمثل هذه الأزمات التي يهلك فيها الحرث والنسل وتنمو فيها الأحقاد والعداوات.
فمما ينبغي الالتفات اليه هو أن الحوار يجب أن تنتج عنه مواد وآليات ستبقى على المدى الطويل، فيجب التركيز فيه على مخرجات استراتيجية . لذا لا نأمل أن تكون التركيبة الموجودة للمشاركة تعزيزا للاصطفاف بحيث يكون المشاركون من الجمعيات السياسية مصنفين بين فريقين. نعم، تضييق عدد المشاركين انتقل خطوة من مرحلة العصف الذهني الى التفاوض ولكنه قد يقود الى اصطفاف غير منتج.
أما بخصوص مشاركة النواب المستقلين، فهي مسألة أيضا ينبغي النظر اليها باهتمام. ففي الرؤية التي تقول أن المخرجات ستمر على السلطة التشريعية يكون وجود النواب على الطاولة غير ضروري. حيث أن السلطة التشريعية في نهاية المطاف ستمضي التوافقات أوترفضها خصوصاً والاستقلالية عن الجمعيات السياسية هي الغالبة على تركيبة المجلس النيابي.
وجود الحكومة عبر تمثيل أقل من الآخرين على الطاولة يؤكد كما يبدو أن حسم التوافقات على الطاولة لن يكون عبر الأكثرية العددية. بل كما نقل عن المؤتمر الصحفي لوزير العدل من أن المشاركة في الحوار غير مرتبطة بالعدد بل باستيعاب مختلف وجهات النظر. مع ذلك كان التمثيل العددي للأطراف الأخرى متساويا ربما لتلافي أي ردود فعل سلبية أو حساسيات معينة.
وبعيداً عن التركيبة المشاركة، ينبغي أن يضع كل طرف تصوراته للحل آخذاً في الاعتبار الحلول للأزمة نفسها وللمشكلات السياسية التي سببت حصول الأزمة والتي يجب ترتيبها في أولوياتها. كما لا يجب أن ينظر أي من المتحاورين كجمعيات ونواب الى الوضع الحالي فحسب فيكون التصور قاصراً أو مشخصناً بل يؤخذ في الاعتبار ما يحصل في السياسة من تغييرات في المواقف والمصالح.
يتوقع أن تتوفر محاضر الجلسات بشفافية تامة في ختام الحوار ليتمكن المواطنون من تقييم الحوار ونقاط الاتفاق والاختلاف، حتى ولو كان متوقعاً أن تقوم الأطراف المشاركة بعقد مؤتمرات صحفية يعلن فيها كل طرف آراءه للعامة، لأن الحوار مع كونه وسيلة للوصول المباشر للتوافقات الا أنه يجب أن يوفر صورة وخريطة ليهيئ لتوافقات لاحقة.

آخر الوحي:
إنّ في صدري، يا بحر، لأسرار عجابا         
نزل السّتر عليها وأنا كنت الحجابا
ولذا أزداد بعدا كلّما ازددت اقترابا         
وأراني كلّما أوشكت أدري...
لست أدري!

ايليا أبو ماضي


الأحد، 3 فبراير 2013

المصالحة أم ماذا؟










الأحد 3 فبراير 2013

بين الحين والحين نقرأ عن الفعاليات التي تقام على سبيل إعادة بث الروح وإعادة اللحمة في المجتمع لتخفيف الآثار التي ترتبت على أزمة 2011 وما رافقها من إعلام مشحون وأحداث مؤسفة. وتنوعت هذه الفعاليات بين عرض تجارب وأفلام وثائقية يتعلم منها المجتمع كيف يتجاوز هذه المشاعر السلبية، وبين إعلانات قصيرة وحملات ترافق الأحداث الرياضية تشير إلى وحدة المجتمع وتلمح إلى ذلك. وربما كان أول ما لفت انتباهي في هذا المجال الفيلم القصير #UniteBH للمبدع صالح ناس. هذا الفيلم طرق لمحات جميلة في واقع البحرين وشخصية البحريني وقام بالتأكيد على وحدة المجتمع وتم طرحه في وسائل التواصل أو الإعلام البديل في خضم الفترة التي كانت الأحداث وبعض وسائل الإعلام تلقي بآثارها السلبية وتصعب مهمة كل من يسعى لنشر الرسائل الإيجابية في صفوف هذا المجتمع الصغير.
وفي نظري إن هذه الجهود الفردية رغم توجهها النبيل إلا أنها لن تكون كافية إذا لم ننظر إلى العوامل الاجتماعية المساعدة في تعميق الهوة وتوسيع الفجوة. فبعيدا عن الآثار الآنية للأزمة، فإن الاستقطابات الطائفية القادمة من دول أخرى في المنطقة بأحداثها المؤسفة، كما حصل في العراق، لاشك قد حملت تبعاتها إلى البحرين في وقت سابق للأزمة بوقت طويل كغيرها من دول المنطقة التي تأثرت بذلك، فكانت مثل هذه الأحداث عندنا بمثابة القاصمة التي أسقطت آخر ورقة توت لتكشف لنا عن واقع من التفكك كان ينتظر أي فرصة للتجلي بوضوح.
وربما كان النظر للأزمات الخارجية كسبب أيضاً قاصراً، فهو لا يفعل فعله في المجتمع إلا إذا كان المجتمع أساسا يعيش بوادر التفكك والانقسام. وأذكر هنا ما تكلمت عنه في بعض المقالات في عام 2010 عن منتديات تبث الكراهية والتحريض، ويومها كانت المنتديات من أقوى أدوات التواصل الإلكتروني قبل أن يظهر الإعلام البديل بقوته المعروفة حالياً. كانت المنتديات تبث ليل نهار الدعوات العنصرية والطائفية، وحاول الكثيرون تعليق الجرس، إلا أنها كانت صرخة ذهبت في واد.
كذلك في نظري ان مجتمعنا عاش في السنوات السابقة تغييراً في الأخلاق نحو الغلظة والفضاضة والجفاء. عندي على ذلك شاهد بسيط ولكنه في نظري مهم جدا عند التركيز عليه في علاج الوضع القائم. وهو إلى أي حد يلتزم أفراد المجتمع البحريني وهو المجتمع المسلم بخلق إفشاء السلام. وبحق أقول ان هذا الخلق يشهد تراجعاً متواصلاً، يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام. تقف في مكان ما، أو تمر في مكان آخر فلا تجد الكثير من الناس يعبأ بإفشاء السلام بل وكثيرا ما يهمل الناس حتى رد السلام. ولا أدري حقيقة ما هي مسببات أن يتحول السلام إلى تحية بين المعارف فقط وليس إلى خلق اجتماعي بين كل الناس، سواء من يعرف بعضهم الآخر أو لا يعرف.
نعم، ببساطة تجد أحدهم يجيبك، وما الذي يدعوني للسلام وأنا لا أعرف أحدا من الموجودين، وكأن هذا هو معيار إلقاء تحية الإسلام من عدمه. وما ينطبق في هذا المجال على الأماكن العامة ينطبق على القرى والمدن والمناسبات الإجتماعية. حتما إذا تم التوجيه العملي من الأخيار في المجتمع إلى إحياء هذا الخلق فإنه ستقل الحاجة لجهود نشر التسامح بين الفرقاء. ذلك أن التسامح والمودة إذا بعثت ونشرت غير مؤطرة بالاختلاف دفعت ذاتياً إلى الوحدة والمحبة والتآخي. بينما الجفاء والتقاطع والتدابر وموروثات الجاهلية والأنفة الكاذبة لا تجلب معها إلا مزيداً من الفرقة التي تذكر الناس دوما بفوارقهم واختلافاتهم ومشاحناتهم.
وربما كان تجريم ومحاربة كل من يعملون على بث المقاطعة التجارية أيضاً باباً مهما في نشر الأخلاق الكريمة من التسامح الذي ينبغي بثه ليقطع الطريق على كل من تسول له نفسه تقسيم المجتمع، والله من وراء القصد.

آخر الوحي:
طرقت الباب حتى كل متني
فلما كلّ متني كلمتني
فقالت لي أيا اسماعيل صبراً
فقلت لها أيا اسمى عيل صبري
إسماعيل صبري