قام الأردنيون بتلوينه للسخرية من غلاء البنزين
الأربعاء 13 فبراير 2013
في زيارة الى أرض الرافدين، يستشرف الزائر ويحاول تلمس التغييرات التي طرأت على حياة العراقيين، فيشاهد ويبحث ويستمع، وككل بلد آخر، يبدأ حوارك دوما مع رجل الشارع الأول وواجهة البلد، الذي يصور للسائح البلد جنة أو جحيما، ويغمره بالسعادة أو يغمسه في البؤس.
أخذ سائق التاكسي يتكلم عن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وما يراه من أن الرجل هو الأفضل على الاطلاق وأنه هو أمل العراقيين. ثم قال ما يزعجني في برنامج العمل السياسي اليوم هو المحاصصة، ولو أن الكتلة الفائزة هي التي تقوم بتشكيل الحكومة منها كحكومة أغلبية لكان حالنا أفضل. قلت له: ألا تعتقد أن حكومة من طيف واحد وبرلمان من نفس الأغلبية سيتحولان الى الصورة التي تقول لا أرى لا أسمع لا أتكلم. ستتعطل الرقابة وسيكون الأداء غير مرض للناس دون أمل في تغيير الوزير غير المنتج أو الرقابة على أي فساد يقوم به.
ثم قال لي حينها: أتعلم، انهم يريدون أن يضعوا حدا أقصى لرئاسة الوزراء فلا حكم لأكثر من فترتين!! نظر الي منتظراً نظرة تعاطف، فأجبته أنه بغض النظر عن كون المالكي جيدا أو غير جيد، فلا أعتقد أنكم تخلصتم من حكم صدام لتفتحوا المجال لأي شخص آخر ليقبع مكانه، هذه هي الديموقراطية التي تتكلم عنها وهذا ما تتوقعه منها.
ثم سألت الرجل الخمسيني سؤالاً صريحاً، ماذا تغير عندكم الحال عن فترة حكم صدام؟ قال تغير عندنا أمران، وجدت لدينا ولله الحمد حرية دينية لم تكن أبدا موجودة في الثلاثين عام الماضية، فصرنا نستطيع ممارسة شعائرنا بحرية وها أنت ترى العراق في المواسم كيف يعج بالزائرين. طالت عنقي هنا واشرأبت وقلت له أن الحرية الدينية في البحرين موجودة منذ القدم لم تتغير منذ قرون. سكت هنيهة ثم قال لي: والأمر الثاني الذي تغير هو حرية التعبير اذ صرنا اليوم نستطيع الكلام عن أي أمر وأي شخص بلا خوف.
وهنا بادرته بالسؤال، فما الذي افتقدتموه في السنوات العشر الأخيرة فقال: افتقدنا في الاقتصاد أسعار البنزين، فما كنا نصرفه لملء الخزان صار يكفي للتر واحد من البنزين. وافتقدنا الأخوة فما كنا من قبل نعرف مذهب الآخر ولا دينه بل نعيش كعراقيين، بينما صارت المذهبية والطائفية عنصرا واضحا في الحياة اليومية. ضحكت هنا مخففا من نبرة الحزن التي علت صوته وقلت له، أما هذه، فموجة الطائفية تصاعدت في كل المنطقة وليست شأنا خاصا بالعراق، ولا بد أن يتجلى ظهورها أكثر مع لعب السياسيين على هذا الوتر واستغلاله في السباق الانتخابي.
ما أوصلته للرجل ولسواه ممن قابلتهم في أي بلد وفي العراق خصوصا، هو أن المأساة المرسومة في أذهانهم للوضع في البحرين هي أكبر بكثير من الوضع الحقيقي. البحرينيون جميعهم وان كانوا يعيشون في ضيق نفسي شديد لأنهم لعامين يرون بحرين مختلفة عما ألفوه، ولأن الوضع متوتر بالفعل، وهناك الكثير من المشاكل التي تستدعي عملا جادا دؤوباً لحلها. الا أنهم يمارسون حياتهم اليومية ويجيئون ويذهبون. الوضع لم يكن يوما عراقيا أو لبنانيا ولا سوريا ولا نتمنى له أن يكون أبداً.
هذا الوضع الذي لم تتعود عليه البحرين وأبناؤها والذي ينتظر الحل سيأتي له الحل يوماً ما، وكلما أسرعنا بلملمة الاختلافات وخلق حل طويل الأمد، ستعود الينا البحرين أكثر قوة ومنعة وأكثر تحصينا من موجات الشرق والغرب والتشدد والفلتان، ودون الوضع السياسي عندنا أمور كثيرة يجب أن نعمل من أجلها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. هل يمكننا أن نعول على الحوار الذي بدأ هذا الأسبوع ليكون بوابة الحل؟ هذا ما نتمناه وما ستكشفه الأيام القادمة. حفظ الله البحرين وأهلها من كل سوء.
آخر الوحي:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبق الا صورة اللحم والدم
وان سفاه الشيخ لا حلم بعده
وان الفتى بعد السفاهة يحلم
زهير بن أبي سلمى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق