الأربعاء 6 فبراير 2013
ها نحن نقارب ذكرى الرابع عشر من فبراير وهو شهر ذو شجون ويحمل ذكريات عديدة، منها ما هو مرتبط بالأمل ومنها ما هو مرتبط بالألم، ولعل ذلك يلوح لنا اليوم كمحطة اختيار واختبار لنتجه الى أحد الطريقين، ليسجله التاريخ ويحسبه لنا أو علينا.
يلوح مع ذكرى الميثاق وذكرى أزمة 2011 اعلان دعوة للحوار يفترض أنه سينعقد في العاشر من الشهر الجاري، بعد انتظار طويل من الجميع، كما لو أن الجميع بات يدرك ضرورة الحوار كحل للأزمة وللخروج بالبلد من الدوامة التي بقيت تراوح فيها في العامين الأخيرين.
وبعد فترة من الغموض والتصريحات المقتضبة حول الحوار التي لا تكاد تبل ريق الظمآن، جاء المؤتمر الصحفي لوزير العدل حاملاً معه بعض التوضيحات حول توقيت وشكل ومدة الحوار. فالحوار الذي سيبدأ الأسبوع المقبل سيشارك فيه 8 مندوبين عن المعارضة و8 عن جمعيات تيار الفاتح و8 برلمانيين مستقلين بالاضافة الى وزيرين، فيما لا يوجد أمد زمني محدد لانتهاء الحوار.
وفيما نتفق مع الحوار كمبدأ، بل نعتقد أنه هو المنهج الصالح والمنبثق من الدين والأخلاق والسلوك الحضاري، فكذلك نعتقد أنه ينبغي الالتفات لعدة أمور لكي يحقق مثل هذا الحوار أهدافه والتوصل لحل للمشكلات السياسية الطارئة ووضع خارطة طريق لتجنب الهزات المستقبلية لأن من يهمه مصلحة بلاده يجب أن يعمل ليجنبها أن تكون عرضة لمثل هذه الأزمات التي يهلك فيها الحرث والنسل وتنمو فيها الأحقاد والعداوات.
فمما ينبغي الالتفات اليه هو أن الحوار يجب أن تنتج عنه مواد وآليات ستبقى على المدى الطويل، فيجب التركيز فيه على مخرجات استراتيجية . لذا لا نأمل أن تكون التركيبة الموجودة للمشاركة تعزيزا للاصطفاف بحيث يكون المشاركون من الجمعيات السياسية مصنفين بين فريقين. نعم، تضييق عدد المشاركين انتقل خطوة من مرحلة العصف الذهني الى التفاوض ولكنه قد يقود الى اصطفاف غير منتج.
أما بخصوص مشاركة النواب المستقلين، فهي مسألة أيضا ينبغي النظر اليها باهتمام. ففي الرؤية التي تقول أن المخرجات ستمر على السلطة التشريعية يكون وجود النواب على الطاولة غير ضروري. حيث أن السلطة التشريعية في نهاية المطاف ستمضي التوافقات أوترفضها خصوصاً والاستقلالية عن الجمعيات السياسية هي الغالبة على تركيبة المجلس النيابي.
وجود الحكومة عبر تمثيل أقل من الآخرين على الطاولة يؤكد كما يبدو أن حسم التوافقات على الطاولة لن يكون عبر الأكثرية العددية. بل كما نقل عن المؤتمر الصحفي لوزير العدل من أن المشاركة في الحوار غير مرتبطة بالعدد بل باستيعاب مختلف وجهات النظر. مع ذلك كان التمثيل العددي للأطراف الأخرى متساويا ربما لتلافي أي ردود فعل سلبية أو حساسيات معينة.
وبعيداً عن التركيبة المشاركة، ينبغي أن يضع كل طرف تصوراته للحل آخذاً في الاعتبار الحلول للأزمة نفسها وللمشكلات السياسية التي سببت حصول الأزمة والتي يجب ترتيبها في أولوياتها. كما لا يجب أن ينظر أي من المتحاورين كجمعيات ونواب الى الوضع الحالي فحسب فيكون التصور قاصراً أو مشخصناً بل يؤخذ في الاعتبار ما يحصل في السياسة من تغييرات في المواقف والمصالح.
يتوقع أن تتوفر محاضر الجلسات بشفافية تامة في ختام الحوار ليتمكن المواطنون من تقييم الحوار ونقاط الاتفاق والاختلاف، حتى ولو كان متوقعاً أن تقوم الأطراف المشاركة بعقد مؤتمرات صحفية يعلن فيها كل طرف آراءه للعامة، لأن الحوار مع كونه وسيلة للوصول المباشر للتوافقات الا أنه يجب أن يوفر صورة وخريطة ليهيئ لتوافقات لاحقة.
آخر الوحي:
إنّ في صدري، يا بحر، لأسرار عجابا
نزل السّتر عليها وأنا كنت الحجابا
ولذا أزداد بعدا كلّما ازددت اقترابا
وأراني كلّما أوشكت أدري...
لست أدري!
ايليا أبو ماضي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق