الأربعاء 6 يونيو 2012
أسمى ما تتمناه أي منشأة تسعى لخدمة المجتمع هو أن تتمكن من إيجاد الفئات المستهدفة من خدماتها دون أن تعرضهم لعناء وذل السؤال. وإذا كان ذلك ممكناً ومتيسراً بسبب توفر إمكانياته، فإن التخلي عنه كهدف هو خطأ لا يمكن التغافل عنه لأنه يكاد يكون تضييعاً لرسالة وهدف المنشأة. تتخلى المنشأة عن كونها باحثاً عن المحتاج، لتقبل لنفسها أن تكون معطياً للسائل.
ماذا تحتاج مؤسسة كصندوق خيري، أو جمعية أهلية غير قاعدة بيانات تشبه تلك التي تملكها المؤسسات التجارية والهيئات الحكومية. هذه القاعدة المتجددة تمكن هذه المؤسسات من إيجاد الفئة المستهدفة والتواصل معها وتزويدها بالخدمة ليتحقق بذلك هدف المؤسسة. ولذلك تنفق شركات التسويق على قاعدة البيانات المبالغ الطائلة وكذلك لأنها توفر ميزة تنافسية تضمن لها التفوق على منافسيها.
وربما صح أن نقول أن أكبر قاعدة بيانات في بلد ما هو ما يتوفر للدولة وهيئاتها ووزاراتها، كما هو الحال بالنسبة للبحرين، التي قطعت أشواطاً متقدمة في مشروع الحكومة الإلكترونية، الذي سهل والحق يقال كثيراً من الخدمات للمواطنين، كسداد الفواتير ودفع الرسوم وتجديد السجلات التجارية ودفع المخالفات المرورية وغيرها الكثير.
وفرت قاعدة البيانات في الحكومة الإلكترونية للدولة ربطاً بين أغلب الوزارات وربما كلها،حتى صار بالإمكان معرفة كل معلومات المواطن من قبل الدولة وصار موضوع فرض أي رسوم على مدخوله أو سكنه أمراً بسيطاً متيسراً. وإني أعرف أحدهم حين يذهب لتجديد بطاقته السكانية قال له الموظف: هل متأكد أنك مقيم في عنوانك، فهناك بحسب نظامنا الآلي حسابا كهرباء في مكانين مختلفين فتحا ثم أغلقا، ألم تغير سكنك، أم أنك فعلت ولم تقم بتحديث عنوانك ؟.
بل استغرب المواطنون حين تم فرض الإستقطاع الإضافي للتأمين ضد التعطل فكان متيسراً للدولة جبايتها بسهولة، وذهبت المبالغ بسهولة إلى حساب الهيئة الحكومية دون الحاجة لأي بيانات محدثة أو خلافه.
ولكن لاحظ المواطنون أن الوزارات لا تستخدم الشيء نفسه لمساعدة المواطن، فرسوم البلدية التي يدفعها المستأجرون من غير البحرينيين بنسبة عشرة في المائة من قيمة عقد الإيجار تستقطع أوتوماتيكياً، رغم أن النظام الذي يعطي مبلغ الإستقطاع قد يحوي أيضاً أن المستأجر بحريني، وأنه ربما لا يملك سكناً آخر، إلا أن الحكومة لا تقوم بتخفيض المبلغ إلى التعرفة المفروضة على المواطن إلا إذا تقدم بطلب إلى وزارة البلديات لتخفيض رسومه البلدية، بل إن التخفيض لا يكون بأثر رجعي.
كذلك بالنسبة لمعونة الغلاء، فالمواطن وكما رأينا الصورة للرجل المسن منذ أيام يضطر للتقدم ببياناته واثباتاته وتجديد بياناته حتى يأتيه الفرج ويتم صرف العلاوة، ونفس الأمر يحصل بالنسبة لبدل التعطل وغيره وغيره. الإستنتاج الذي ذهب إليه الكثير من المواطنين، هو أن الدولة تعرف حين تريد أن تعرف، وتجهل حين تريد أن تجهل.
لماذا نحتاج للتثبت والتأكد مما يصلح للمواطن، لماذا نجعله يستجدي ما يستحقه، ولماذا لا يتلقى الخدمة التي يستحق دون أن يتقدم لها أو يطلبها؟ أليس هدفنا خدمته؟ ماذا نستفيد من ماء وجهه؟ فلنحفظه له، ولنحفظ المتعففين الذين نحسبهم أغنياء من التعفف. لسنا عاجزين عن ذلك، ولكن هل تتوفر النية والعزم؟؟ أقول كما تيسر الحكومة الإلكترونية على المواطن بلوغ أهدافه، فمن باب أولى أن تسهل للحكومة بلوغ أهدافها بالأدوات المتوفرة التي يجب أن تفي بالغرض. والله من وراء القصد.
آخر الوحي:
فقلت لها لو شئت لم تتعنتي***ولم تسألي عني، وعندك بي خبر
أبو فراس الحمداني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق