الأربعاء، 13 يونيو 2012

وداعاً للديناصورات







الأربعاء 13 يونيو 2012

الديناصورات، تلك المخلوقات هائلة الحجم، عملاقة الجثة، التي نراها في أفلام الخيال العلمي، على افتراض أنها عاشت في عصر من العصور منذ آلاف السنين ثم انقرضت لسبب من الأسباب. هذه المخلوقات صارت مضرب مثل للتعبير عن كل ما هو قديم، عن كل ما هو نادر، عن كل ما هو خرافي. وربما صارت تعبيراً شائعاً للكلام عن الفكر الشيوعي و الأحزاب الذي تحمله، فبنظرة خاطفة ستجد أن حملة هذا الشعار بما هو شعار هم اشخاص كبار في السن يلبسون نظارات طبية سميكة، قد غطى الشيب شعورهم إن لم يأت عليها الصلع. وهذا أمر ظاهر في عموم بلادنا العربية ولا أدري إن كانوا كذلك في غير الدول العربية.
نعم، لم يعد هناك حملة للشعار من جيل الشباب، ولم يعد أحد يواجه المجتمعات التي تتصاعد فيها التيارات السياسية الإسلامية بحقيقة ما يحمله من (لا عقيدة)، حتى باتت العلاقة العدائية الشخصية بين الإسلاميين وحملة الفكر اللاديني فاترة. بل باتت العداوة أو الخلاف الفكري بينهما في حالة هدنة لا تصادم فيها ولا جدال، وكأنما ألقى الطرفان السلاح وأجلا الخلاف إلى حين وضعه على المحك العملي. ربما كان ذلك من باب أن التشاجر لا محل له عندهما إذا كانا جالسين خارج اللعبة في مقهى عتيق يتحول أي جدلٍ فيه إلى ثرثرة. ربما لذلك يتم تأجيل الخلاف وترحيله إلى حين أن يكون هناك مجال للتطبيق العملي فيهتف كل منهما “هذا الميدان يا حميدان”.
الطريف أن هذه الهدنة، جعلت الناس تحمل فكرتين ساذجتين عن واقع الفكر الإلحادي، أولاهما أنه ليس هناك على أرضنا من يجحد بوجود الخالق، أي ليس هنالك مرتد أومنكر لوجود الخالق. أما الفكرة الأخرى فهي تقول أن الملحد لو وجد فلا يهم، لأن كفره أمر يخصه ولا يترتب عليه أي تأثير يمس علاقتي معه وإنما هي علاقته مع ربه يعيشها كيف يشاء.
أقول أن الفكرة الأولى مغرقة في البراءة والسذاجة لأن شيئاً من البحث البسيط في الجوجل واليوتيوب سيجعلك تصطدم بكمٍ كبير من الملحدين من شتى بقاع الوطن العربي، يمكنك من خلال معرفة أسماء الأحزاب التي ينتمون إليها معرفة نظرائهم ونظراء أحزابهم في بلادنا. وبالطبع هذا فضلاً عن قراءة أدبياتهم وآرائهم حول الدين لتكتشف كم يكنون من الكراهية له ويعتبرونه الجهل والخرافة والمخدر.
أما الفكرة الثانية فهي أبسط من سابقتها لأنها تنظر إلى بعد شخصي مادي مباشر في العلاقة بين المتدين والملحد، وهو عدم وجود أي ضرر مادي منه أو من العلاقة معه. ولذلك يقبل منه بأقل من الإمتناع عن الطعن المباشر في الدين بشكل مباشر وسمج، ويكتفي منه بالتشكيك واللمز.
إلا أن ما لا يفهمه البسطاء ويتغافل عنه غير البسطاء هو أن الملحدين يحملون (لاعقيدتهم) هذه كمقدمة لنتيجة أكبر وهي التشريع وجر المجتمع إلى القبول كرهاً بما لا يقبله دينهم تحت عناوين الحريات الشخصية وعناوين أخرى. إذن كل ما يقولونه لا ضرر منه؟ بل ربما كان الأصح والأفضل؟ وبالطبع فإنهم لا يشكلون خطر على العقيدة، لأنهم لا يتكلمون فيها!! وكأن إنساناً ذا عقل يحتاج للكلام فيما عذرته فيه وإحترمته منه وقبلت عدم مواجهته. إذن فالطريق معبد أمامهم ما داموا لا يستفزون (الجماهير) صراحة بمهاجمة الدين. وأقول، من كنت تخالفه يبحث منذ سنوات عن راحة يستطيع فيها ترتيب نفسه والدخول من مداخل أخرى، وقد تحقق له ذلك.
ورغم عدم الحاجة الحقيقية منهم لتعاطي الهجوم المباشر على العقيدة، إلا أنه وكما ذكرت حاصل وموجود، وأذكر أنه متوفر عبر فضاء الإنترنت لمن يريد أن يرى بعينه ويسمع بأذنه. وعوداً على بدء، فإن من صفات الديناصورهو أنه كائن يعد خرافياً لا يصدق أكثرالناس بوجوده.

آخر الوحي:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل***وكل نعيم لا محالة زائل
لبيد بن ربيعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق