الأربعاء 08 سبتمبر 2010
لم يكن بودي أن أودع الشهر الكريم بمقال يبتعد عن شهر رمضان كموضوع رئيس، إلا أنني وجدت أن هذا الموضوع الملح ينطلق من روح الشهر الكريم، كما أن البدء في الكلام عنه متأخرًا قد يخرجه من سياقه. لذا فضلت أن تكون البداية من الآن ليتصل الحديث فيما بعد مبنياً على مقدمة مفهومة، فلا يبدو في نغماته نشاز، أو يطاله التأويل والالتباس.
وانطلاقاً من توجيهات القيادة الحكيمة حول ترشيد الخطاب الديني وتكريس مبادئ الوحدة الوطنية والتسامح والاعتدال والوسطية واسترسالاً من المقال السابق عن ضرورة تصفية الخطاب الإعلامي من لغة التخوين والكراهية، أجدني أشير إلى مجموعة من النقاط مما تكلمنا عنه في مقالات سابقة تدور في هذا الفلك وتحلق في ذات السياق:
- الخطاب الديني الأصيل خلا فيما سبق من الخوض في المسائل الخلافية في الدين ومن الجدالات السياسية.
- خلق الأجواء الإيجابية ضرورة لإرساء العلاقات الإنسانية والاجتماعية على أسس التسامح، وإزالة الاحتقانات.
- لا ربط بين الأهداف السياسية للأحزاب والتيارات من ناحية، والانتماءات الدينية لهذه الأحزاب من ناحية أخرى، ولا ينبغي أن يربط بين الحادي عشر من سبتمبر والقرآن الكريم.
- وأخيراً فإن الإعلام المسؤول سواء كان مقروءاً أو مسموعاً أو مرئياً، هو أحد وسائل قياس مستوى التسامح الموجود في المجتمع وهو أحد المؤثرات المهمة لخلق مجتمع متسامح خال من خطاب التخوين والكراهية.
وعطفاً على ما سبق، وتجميعاً لعناصره، فإن خطاباً تكفيرياً ناشئاً يتسلل ويتصاعد ليعكر صفاء الأجواء الإيجابية التي عاشتها البحرين دوماً، يوظف الاختلافات السياسية لإذكاء الخلافات المذهبية والعنصرية، ويمكن مشاهدة ذلك بوضوح في لغة الصحف والمنتديات الإلكترونية وقياس مستوى التسامح من خلالها.
لا أشك لحظة في أن منع اختطاف المنبر الديني واستغلاله سياسياً سيسهم في نشر قيم التسامح، وكذلك من الحكمة أيضاً مواجهة ذلك التوظيف الموجود من بعض الجهال للاختلافات السياسية في تلغيم الأجواء بين الطوائف.
وربما دل على ذلك ما عبر عنه صاحب السمو الملكي ولي العهد في إحدى المقابلات مع قناة العربية، حين قال “علينا ألا نربط فكرا سياسيا بمذهب معين واقول هذا خطأ وخطأ كبير.. نحن نحترم المذاهب كافة لان السياسة آنية والدين ومذاهبه دائمين، وبهذه المناسبة اتوجه إلى كل المسؤولين في منطقتنا - والاعلاميين بصورة خاصة - برجاء الابتعاد عن هذه التهم وتصنيف الناس بمواقف مسبقة، والدين دوما فوق رؤوسنا جميعا، والسياسة نختلف فيها، والدين ثابت، والسياسة زائلة” انتهى الاقتباس.
وما بين حرص على حفظ الأمن يقدره الجميع، واجتهادات سياسية من البعض تحتاج قنوات توصلها بالصورة الصحيحة، لا يمكننا كبحرينيين أن نسمح بخطف التسامح الموجود عبر إعلام غير مسؤول، ومنتديات لا نرضى أن تحمل اسم هذا البلد، ويختلط فيها الغث بالسمين، وتضج بلغة الكراهية وسموم الطائفية ومفردات التخوين بشكل صريح ومباشر يغني عن الأمثلة. والله من وراء القصد.
لا يفوتني أن أعايد على الجميع، عيدكم مبارك وأعادنا الله وإياكم في أحسن حال وكل عام وأنتم والبحرين بألف خير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق