الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

هل انقشعت الغبرة ؟






بعيداً عن “لغة الحمقى”
الحمد لله الذي برأ العقول بحكمته، وجعلها دليلاً على بديع صنعته، وجعل اللسان مرآة للقلب، وجعل منهاجه من العقل وفلتاته من القلب، فبان جلياً بذلك ما يخبئ المرء في سريرته، إذ إن الإنسان مخبوء تحت لسانه.
سرتنا مجموعة من المقالات لحشد من كتاب البحرين، في إدانتهم لكل عنف على هذه الأرض الطيبة، كما سرني تصريحهم اللاحق بعدم تقصدهم لطائفة معينة في كلامهم وانتقادهم، حتى أن أحدهم عبر عن التعميم بلغة الحمقى، وقد أصاب بهذا كبد الحقيقة إذ إن من يفرز طائفة كاملة في تهمة واحدة بلاشك أحمق، والشمس لا يحجبها الغربال، ولا نحتجب عن الناس حين نغمض نحن أعيننا.
لا نملك قبالة هذه المشاعر الطيبة إزاء البحرين وأهلها إلا التقدير والثناء، ولكن يبقى ثمة سؤال: هل من يتكلم عن التوالد السياسي في البحرين، بمعنى أن أهل البحرين يتوالدون وفق أجندة سياسية، هل يكون المتكلم ابتعد عن التعميم؟ حقيقة، كان من العيب أن يتكلم بحريني بهذه الطريقة، ولا أدري إلى أين تصل محاكمة النوايا وجلد الفقراء بدلاً من المناداة بحل مشاكلهم. بل إنني أستعيب حتى ذكر هذا النكتة. قد قالها بادئ ذي بدء أحدهم في 2009 تحت عنوان “ملف مسكوت عنه”، وكان يتهم فيها الأعراس الجماعية أنها تمثل تسابقاً وحرباً طائفية، وصار هذا المترف بدل أن يطالب بتفعيل صندوق الزواج كحال باقي دول الخليج يتهم من يقومون عليها بالتآمر الحزبي. ثم ذهبت الكلمة حتى صارت نسياً منسياً. فجاء كتاب مبجلون ضد التعميم واتهام الأبرياء فقاموا بإحيائها لكون نيتهم حسنة جداً وعقولهم رصينة وألسنتهم تتعفف عن “لغة الحمقى”، ولكن لا مانع لديهم من تجريم كل الناس حتى على محاولة التنفس.
المنتدى شغال
شاهدنا بشغف البرنامج الخاص الذي أذيع في تلفزيون البحرين حول المواقع المحظورة، وتمنينا أن نجد في كلام الدكتور عبدالله يتيم إشارة لما تناولناه في مقال “هذا الموقع محظور” ولكن الموضوع كان متركزاً حول المواقع التي أغلقت بالفعل ولم يأت ذكر الموقع الذي أشرنا إليه، ولا أدري حقيقة ما السبب. ولنتكلم بلغة الأرقام ولا يكون الكلام على عواهنه فإن محرك جوجل يفيد بوجود 6,750 نتيجة لكلمة “مجوس” في هذا الموقع، 4,020 نتيجة لكلمة “روافض”، 7,910 نتائج لكلمة “خونة”، ثلاث نتائج “شيعة كلاب”، 31 نتيجة “شبر ومرهون”. ولن أذكر أمثلة أخرى، ومادام الموضوع لا يأخذ مساحته من الرد والاهتمام كموضوع وطني عام، فإنني أكتب عنه بشكل شخصي و”كل واحد ياخذ عن نفسه”.
إن هيئة الإعلام تظل مطالبة بوضع حد لهذه المهازل الحاصلة في هذا الموقع الذي يحمل للأسف اسم مملكتنا العزيزة وغيره من المواقع التي تثير النعرات العنصرية وإلا سيساء فهم خطوات الإغلاق للمواقع الأخرى، فقد استبشرنا خيراً بالتصريح الأخير حول غلق موقعين لذات الأسباب التي ذكرناها ويجدان زخماً أقل من الحضور والمشاركة.
لا تسييساً ولا تجييراً ولا اتهاماً، كل ما نقوله وبكل مهنية في هذا الموضوع: واحد + واحد = اثنين، تسيرون في طريق صحيح، والجميع ينتظر الاستمرارية. مع فائق الاحترام لكل من يعمل لوحدة الوطن.
ترشيد الخطاب الإعلامي مسؤولية الجميع
بعد سلسلة مقالات تكلمت عن هذا الموضوع، أجد الوقت قد حان للتركيز على أمور أخرى، لا لأنه “لا حياة لمن تنادي”، ولا لأنه يجبرك في الدخول في مستنقعات لا تتمنى دخولها وحسب، ولكن لأن هناك الكثير من المواضيع التي تتساوى في الأولوية مع هذا الموضوع أو تزيد عنه أهمية ومازالت تنتظر أخذ فرصتها.
لا حرج للكاتب أن يضطر لمواجهة مواضيع مثل العنف اللفظي، وزرع الكراهية، والابتزاز والتشهير في لغة الصحافة؛ لأنه كما من رسالة الجراح أن ينظف القذى عن الجروح قبل علاجها، فإن من رسالة الكاتب أن يخاطب أخلاقيات المجتمع إعلامية كانت أو اجتماعية أو سياسية. فالمتتبع لبعض صحفنا وللأسف، يحس أن البحرين “لا يمسهم فيها نصب” إلا قضية فلان وفلان معارض سياسي ومحرض، ولا أقول في الشهر الفائت وحسب وإنما في السنوات الفائتة وبأسلوب يؤسف له لا يقل سوءاً عن ممارسات محرضي الشوارع، أسلوب يخلق كراهية في الاتجاهين. لا أحد يطلب السكوت عن علاج المفاهيم الخاطئة، ولكن هل لكل كاتب أن يراجع عناوين مقالاته لأشهر وسنوات بسرعة شديدة، وسيستطيع تقييم ما قام به من خدمات للوطن.
ويبقى الخطاب الإعلامي أمانة في عنق الجميع لارتباط رشده بالوحدة الوطنية وبصورتنا الحضارية في عيون الأمم، والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق