الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

الحزن على الحسين من سنة نبينا









الأربعاء 15 ديسمبر 2010

المتأمل لحال الجموع والحشود التي باتت تحيي ذكرى الإمام الحسين عليه السلام يتساءل عن جذور هذه الشعائر وأين ومتى بدأت، وهل ابتدعتها فرقة من فرق المسلمين، أو إحدى الأمم المسلمة، أم ان لها جذوراً تشبه في عمقها وفي تلقائيتها ما يحصل في المناسبات الأخرى ذات الطابع الديني.
الأصل بالطبع في كل حكم إسلامي أن يكون وارداً في كتاب الله العزيز أو سنة نبيه المطهرة، وربما كان من التكرار النافع أن نعرف السنة النبوية بأنها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره. من هذه السنة عرفنا إحياء أعياد المسلمين وعرفنا إحياء ليلة القدر وعرفنا أعمال رمضان والحج وعرفنا تعظيمها بمختلف المظاهر التي تعبر عن الفرح تارة والخشوع أخرى والتسليم تارة أخرى. ولا استغراب أن تدخل وسائل مستحدثة أو مظاهر شعبية لكل أمة في التعبير عن هذه المشاعر وتتداخل ويتم تناقلها، إلا أن المهم أن يكون الأصل ثابتاً ليمكن تنقيح ما دخل عليه من زيادة إن وجد فيها ما يتعارض مع أحكام الشريعة.
ومن الثابت في السنة بلا ريب ذكر مصيبة الإمام الحسين عليه السلام ومقتله مع ثلة من أصحابه وأسرته في كربلاء في العراق ومن الثابت إبداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإبداء أهل بيته وأصحابه الحزن والأسى لما يحدث من تجرؤ على المقام النبوي بذبح السبط الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب دون ذنب أو جرم اقترفه إلا امتناعه عن بيعة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب. حفيد رسول الله يقتله حفيد من كان حرباً لرسول الله، ووالد السبط يحاربه والد يزيد، والقرآن الكريم يصرح بأنه لا مقارنة بين مؤمني ما قبل الفتح ومؤمني ما بعد الفتح ولا المؤلفة قلوبهم ولا من قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم “اذهبوا فأنتم الطلقاء”. فما بالنا والمقتول ريحانة الرسول وسيد شباب الجنة.
وقولي انه من الثابت، هو ادعاء يلزمه أدلة لمن لا يراه ثابتاً، ولا أكتفي بثبوته بكلام العلماء من أهل المذاهب ولا الأئمة فما كل المسلمين يقولون بالإمامة، ولكن كلهم يأخذون عن أشرف الخلق صاحب السنة المطهرة وساكن المدينة المنورة.
وبين يدي مجموعة من الأحاديث الواردة عند عموم المسلمين وفي كتبهم المعتبرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تتكلم عن مواقف تزيد عن خمسة عشر موقفاً يقص النبي فيها إجمالاً ما يحدث للإمام الحسين عليه السلام ثم يبكي لذلك تأثراً ويبكي في بعضها الحاضرون من الصحابة، ولنا في رسول الله أسوة حسنة. أختار من هذه المواقف ما يلي:
- قالت أسماء بنت عميس: “... فلما ولد الحسين فجاءني النبي (ص) فقال يا أسماء هاتي ابني فدفعته اليه في خرقة بيضاء، فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ثم وضعه في حجره وبكى، قالت أسماء: فداك أبي وأمي مم بكاؤك؟ قال: على ابني هذا قلت: إنه ولد الساعة، قال: يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي، ثم قال: يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا فإنها قريبة عهد بولادته.
- وفي بيت أم المؤمنين أم سلمة: قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبي في بيتي فنزل جبريل فقال: يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله وضمه إلى صدره، ثم قال رسول الله: وديعة عندك هذه التربة، فشمها رسول الله وقال: ريح كرب وبلا. قالت: وقال رسول الله: يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قتل. قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول إن يوماً تحولين دماً ليوم عظيم.
- وفي بيت أم المؤمنين عائشة: قالت: ان الحسين بن علي دخل على رسول الله فقال النبي: يا عائشة ألا أعجبك لقد دخل علي ملك آنفاً ما دخل علي قط فقال: إن ابني هذا مقتول وقال إن شئت أريتك تربة يقتل فيها، فتناول الملك بيده فأراني تربة حمراء.
والأحاديث المذكورة وغيرها مذكورة بأسانيدها وتوثيق رجالها عند علماء الحديث ومصادرها المعتبرة عند المسلمين مثل ابن عساكر والطبراني والبيهقي والحاكم وابن حنبل، وللقارئ الاطلاع عليها جميعاً من كتاب سيرتنا وسنتنا المشتمل على محاضرة الشيخ الأميني في نفس الموضوع وبشكل موسع.
الحسين عليه السلام ليس لطائفة دون أخرى ولا لمذهب دون آخر، ولذلك نجد الشيخ عبدالحميد الكشك أو الشيخ نبيل العوضي وغيرهم ينعون الحسين بحرقة، ونرى كيف وضح الشيخ محمد العوضي أن الصورة المرسومة لتبرئة يزيد بن معاوية مزيفة، ككثير من الزيف الموجود في تاريخنا وتاريخ العالم.
والله من واء القصد...
قال الله في محكم كتابه العزيز “إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق