الأحد، 26 ديسمبر 2010

والله حالة















الأحد 26 ديسمبر 2010

مؤخراً ومع الانفتاح الإعلامي والفكري وكثرة الصحف صار تعريف الشأن العام فضفاضاً عند الناس من كتاب وخطباء وعوام. صار كل إنسان لسانه لحمة بين فكيه وقلمه حديدة بين إصبعيه يتكلم في الشأن العام والشأن الخاص دون تفريق، على أنه قيل قديماً “من تدخل فيما لا يعنيه، لقي ما لا يرضيه”.
من أمثال ذلك ما تطالعنا به الصحف من تدخل في شؤون طائفية محضة بعناوين تشبه النقد الأريحي والدردشة الصريحة، ولكن الكاتب ينسى أو يتناسى أنه ليس مقبولاً منه هذا النقد ولا هذه الدردشة، بل غالباً ما يصنف كلامه بأنه من قبيل التشويه والنبز وأحياناً التخوين. وينسى قبل ذلك أن لقلمه الحر حدوداً بعدها يكون قد تجاوز حدود الأدب إن كان كلامه صحيحاً، ويتجاوز حدود الأدب والإنصاف إن كان كلامه بلا أساس.
طالعتنا إحدى الصحف المحلية بمقال لكاتبة تناقش فيه شأن المرجعية الشيعية، وتتساءل إن كان آن لهذه المرجعية أن تصبح عربية خالصة أم لم يحن ذلك بعد.
أولاً، نقول إن جنسية الفقيه أو العالم وأصله العرقي ليسا محكاً ولا مقياساً لأخذ الرأي الفقهي من عدمه، بل ليس لذلك قيمة عند الله ولا عند أهل العلم من الخلق.
ثم نقول إنه حين يصير هناك تقاطع للمنصب السياسي والديني في شخصية واحدة لا تنتمي إلى البلد نفسه، بغض النظر عن العرق إن كان عربياً أو فارسياً أو أفغانياً، فالتبعية السياسية لكل مواطن تكون مع حكامه لا مع حكام غيره. وهنا أقول إنه ليس من الأدب في شيء أن نضع الشيعة أو غيرهم في دائرة الخيانة والتبعية والعمالة الخارجية إن كان علماؤهم من خارج بلادهم، وما ينطبق على الشيعة في ذلك ينطبق على غيرهم. وهنا ينتهي الكلام عن المرجعية.
أما من حيث الكلام عن إيران خصوصاً وطبيعة العلاقة المطلوبة معها، فهذا شأن آخر، لا علاقة له بشيعة الدول العربية من قريب أو بعيد. فبالرغم من كونها دولة ذات أغلبية شيعية، ويحكمها نظام يعتنق المذهب الشيعي، إلا أنها كنظام سياسي لا تمثل لأي مواطن عربي – مسلم أو نصراني- أكثر من كونها جارة مسلمة. ولا أكثر من الجيرة والأخوة الإسلامية اللتين نعرف حقوقهما كمسلمين.
أما عند الكلام عن مسألة الأطماع التوسعية، وإنصافاً، فهذه ليست طبيعة فارسية صرفة، بل هي شأن لكثير من الثقافات حتى التي كانت منها ذات تنظير عربي. أضرب هنا مثالاً بشخصية الرئيس العراقي السابق صدام حسين وحزب البعث الذي تمت مناصرته ضد جارته إيران بوصفه عربياً. ألم يبادر أول ما بادر إلى ضرب جيرانه، وعض الأيدي التي امتدت إليه. ولي أن أسأل هنا، هل لو نجح مشروع صدام - لا سمح الله - ولم توقفه قوات التحالف آنذاك هل ستشفى الصدور العربية فضلاً عن المسلمة؟ ألم يكن صدام مشروعاً توسعياً مذموماً؟
هل كانت النظرة للمواطن العربي البعثي ذاك الوقت وبعين ضيقة شزراء كما ينظر بعض كتابنا الآن إلى شيعة الخليج بسبب الخوف من إيران.
نحن ضد أي مشروع توسعي سواء كان عربياً أو فارسياً أو غير ذلك، ولن أتهم شعوب المنطقة كما فعلت الكاتبة بالعمالة الخارجية، ولن أخلط بين ورقة الفقه ومرجعياته وورقة ما تم كشفه من أحزاب وخلايا سواء كانت إيرانية أو قاعدية. على أن موضوع المرجعية وولاية الفقيه نظريات لا تهم كل الشيعة ليضع الكاتب المنصف غير المتطفل كل الشيعة في هذه السلة.
وبعيداً عن موضوع تخوين الشيعة، وكلام الكاتبة، فإنني أقول إن كلاً يجر النار إلى قرصه، وإن توازن القوى في المنطقة يلزمه سياسة خارجية منسقة ومنسجمة، وتقارب ومصارحة بين دول المنطقة يتناسب مع التقارب الجغرافي والفكري والديني. وإنه سواء على مقياس المواطنة أو العروبة أو الدين التي أدعي أنها لا تختلف في ضرورة أن نواجه العالم الخارجي بجبهة موحدة خلف قيادة وطنية ومشروع وحدة إسلامية وعربية مع حفظ حقوق الشعوب والدول من دون تعد على سيادة أي دولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق