الأحد 6 فبراير 2011
ربما كانت هذه الشعرة أكثر شهرة في العالم أجمع. يقول عنها صاحبها “لو أنّ بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها”. وهناك شعرات أخرى شهيرة، كتلك التي تفصل بين العبقرية والجنون، والأخرى التي بين الدهاء والخبث، والثالثة بين الصراحة والحمق.
وأعتقد أن هناك الكثير من الأمور التي لا يفصل بين الحق والباطل فيها إلا نصل شعرة، ومن ذلك الفرق بين الحرية الإعلامية وإعلام الفتنة. وأعتقد أن الكثيرين سيخالفونني في السطور المقبلة، إلا أن هذا الخلاف سيريحني إنْ شعرت أن ما أطرحه ذا فائدة.
لا يختلف اثنان على المستوى الراقي التي تظهر به الشبكتان الإعلاميتان الشهيرتان في الخليج العربي والوطن العربي، والذي ينبئ عن قدرات مادية عظيمة تمكن كلاً منهما من اختيار أشهر الكوادر البشرية وعلى الحضور في أرجاء المعمورة كافة، وعلى تعديد القنوات، وإنتاج البرامج. ولا يخفى أنه بسبب قوة حضورهما الإعلامي، اضطرت الولايات المتحدة مثل غيرها من الدول لإيجاد شبكتها الخاصة الناطقة باللغة العربية عام 2004 والتي تنطق برأيها بدلاً من ترك الجمهور العربي للشبكتين العربيتين، وهي قناة الحرة.
وحال شبكة الجزيرة مع شبكة العربية من التنافس لا يختلف كثيراً عن مواقف الدولتين اللتين ينتمي إليهما ملاكهما. فالعربية اعتاد منها الجمهور العربي أن تدعم الأنظمة العربية القائمة، فيما اعتاد هذا الجمهور من الجزيرة دعم الطرف الآخر من كل معادلة. ففي لبنان يتقاسمان تياري الحكومة والمعارضة، وفي العراق يتقاسمان طرفي السياسة والممانعة، وفي فلسطين يتمسك طرف بحركة فتح والآخر بحركة حماس، وفي مصر يشارك كل منهما بدعم السلطة أو المحتجين. أما في دول أخرى كالبحرين، حيث يفترض أن يكون الخطاب أكثر تحفظاً لاعتبارات عدة، فإن العربية تلتزم الصمت، بينما الجزيرة تشاكس البحرين بين حين وآخر. والأمثلة الأخرى موجودة للمتأمل كطهران وكابل، وغيرهما.
يبقى أن خطاب الجزيرة أكثرة حدة وصراحة في كثير من القضايا، وقد بدا ذلك في كثير من المرات التي تعرضت فيها لإجراءات عقابية في الكثير من البلدان العربية وخصوصاً ما تعرضت له في مصر مؤخراً.
وهنا يبدأ الاختلاف بيني وبين الآخرين، فبغض النظر عن رأينا فيما جرى ويجري في مصر، خصوصاً مع إيماني دوماً بخصوصية الشأن الداخلي لكل بلد، إلا أنني لا أستطيع أن أنظر لما تفعله الجزيرة على أنه مصداق للمصداقية الإعلامية البريئة أو من باب حرية الصحافة أو أي باب آخر حتى تنصف الآخرين من نفسها. ذلك أنني أرى أمورا عدة لا تفسير لها ولا مبرر إلا كونها قناة مشبوهة التصرفات والنوايا في كثير من الأحيان وخصوصاً مؤخراً أو صاحبة غرض على الأقل، فمن الأمور التي لا أجد لها تفسيراً:
عدم انتقاد الجزيرة أو العربية للدول التي ينتمي إليهما ملاكهما، وكأنهما المدينتان الفاضلتان. فرغم ما نكنه لهذه الدول الشقيقة من اعتبارات الأخوة والاحترام، إلا أننا لا نرى أنهما استغنيتا عن النقد وخصوصاً من قبل القنوات المملوكة لمواطنيهما محلياً والتي تتشدق كل قناة منهما بأنهما منبر الفكر الحر والأقرب إلى الحقيقة.
اتهام كل منهما لبعض الشعوب أو القيادات بالعمالة للأجنبي فيما نراهما لا يعيبان على بلادهما التحالف مع أقطاب النظام العالمي الجديد على غير مضض ودون أن يعتبر ذلك عمالة، بينما تدفع إحداهما بعمالة المتعاون مع الأمريكان في العراق، والأخرى بعمالة المتعاون مع أمريكا في لبنان وهكذا دواليك.
التحامل الشديد على حكومة مصر من قبل قناة الجزيرة وتسخيرها كل جهودها لتبيين جانب واحد من الصورة. وبغض النظر عن نسبة المعارضين، فلا بد من إعطاء المجال للطرف الآخر. هذا إذا كنا نقول إن القناة لم تشارك بعدتها وعتادها فيما يجري في الشارع العربي. والحال أنها شاركت مشاركة فاعلة، لا كتغطية أحداث كما هو مفترض، وإنما مشاركة كطرف متطفل على العملية السياسية الداخلية.
إن المنافسة ما بين الدول الشقيقة والقنوات الشقيقة لا يجب أن تشعل أتون الأحداث والفوضى في عالمنا المسكين، لمجرد مصالح آنية لا جذور لها في عمق المنظومات الإقليمية والدولية الإستراتيجية الموجودة.
لا شك عندي أن المصداقية الإعلامية لكثير من القنوات لم تعد موجودة، لكن يكفي للمحلل أن يتأكد من إقرار جميع القنوات بالخبر. وأما تفاصيله، فهي دوماً كذبة في كل حرب. وسنتكلم عن مزيد من الخرافات منها كذبة الديمقراطية في المقال القادم، رسالة إلى أوباما
وأعتقد أن هناك الكثير من الأمور التي لا يفصل بين الحق والباطل فيها إلا نصل شعرة، ومن ذلك الفرق بين الحرية الإعلامية وإعلام الفتنة. وأعتقد أن الكثيرين سيخالفونني في السطور المقبلة، إلا أن هذا الخلاف سيريحني إنْ شعرت أن ما أطرحه ذا فائدة.
لا يختلف اثنان على المستوى الراقي التي تظهر به الشبكتان الإعلاميتان الشهيرتان في الخليج العربي والوطن العربي، والذي ينبئ عن قدرات مادية عظيمة تمكن كلاً منهما من اختيار أشهر الكوادر البشرية وعلى الحضور في أرجاء المعمورة كافة، وعلى تعديد القنوات، وإنتاج البرامج. ولا يخفى أنه بسبب قوة حضورهما الإعلامي، اضطرت الولايات المتحدة مثل غيرها من الدول لإيجاد شبكتها الخاصة الناطقة باللغة العربية عام 2004 والتي تنطق برأيها بدلاً من ترك الجمهور العربي للشبكتين العربيتين، وهي قناة الحرة.
وحال شبكة الجزيرة مع شبكة العربية من التنافس لا يختلف كثيراً عن مواقف الدولتين اللتين ينتمي إليهما ملاكهما. فالعربية اعتاد منها الجمهور العربي أن تدعم الأنظمة العربية القائمة، فيما اعتاد هذا الجمهور من الجزيرة دعم الطرف الآخر من كل معادلة. ففي لبنان يتقاسمان تياري الحكومة والمعارضة، وفي العراق يتقاسمان طرفي السياسة والممانعة، وفي فلسطين يتمسك طرف بحركة فتح والآخر بحركة حماس، وفي مصر يشارك كل منهما بدعم السلطة أو المحتجين. أما في دول أخرى كالبحرين، حيث يفترض أن يكون الخطاب أكثر تحفظاً لاعتبارات عدة، فإن العربية تلتزم الصمت، بينما الجزيرة تشاكس البحرين بين حين وآخر. والأمثلة الأخرى موجودة للمتأمل كطهران وكابل، وغيرهما.
يبقى أن خطاب الجزيرة أكثرة حدة وصراحة في كثير من القضايا، وقد بدا ذلك في كثير من المرات التي تعرضت فيها لإجراءات عقابية في الكثير من البلدان العربية وخصوصاً ما تعرضت له في مصر مؤخراً.
وهنا يبدأ الاختلاف بيني وبين الآخرين، فبغض النظر عن رأينا فيما جرى ويجري في مصر، خصوصاً مع إيماني دوماً بخصوصية الشأن الداخلي لكل بلد، إلا أنني لا أستطيع أن أنظر لما تفعله الجزيرة على أنه مصداق للمصداقية الإعلامية البريئة أو من باب حرية الصحافة أو أي باب آخر حتى تنصف الآخرين من نفسها. ذلك أنني أرى أمورا عدة لا تفسير لها ولا مبرر إلا كونها قناة مشبوهة التصرفات والنوايا في كثير من الأحيان وخصوصاً مؤخراً أو صاحبة غرض على الأقل، فمن الأمور التي لا أجد لها تفسيراً:
عدم انتقاد الجزيرة أو العربية للدول التي ينتمي إليهما ملاكهما، وكأنهما المدينتان الفاضلتان. فرغم ما نكنه لهذه الدول الشقيقة من اعتبارات الأخوة والاحترام، إلا أننا لا نرى أنهما استغنيتا عن النقد وخصوصاً من قبل القنوات المملوكة لمواطنيهما محلياً والتي تتشدق كل قناة منهما بأنهما منبر الفكر الحر والأقرب إلى الحقيقة.
اتهام كل منهما لبعض الشعوب أو القيادات بالعمالة للأجنبي فيما نراهما لا يعيبان على بلادهما التحالف مع أقطاب النظام العالمي الجديد على غير مضض ودون أن يعتبر ذلك عمالة، بينما تدفع إحداهما بعمالة المتعاون مع الأمريكان في العراق، والأخرى بعمالة المتعاون مع أمريكا في لبنان وهكذا دواليك.
التحامل الشديد على حكومة مصر من قبل قناة الجزيرة وتسخيرها كل جهودها لتبيين جانب واحد من الصورة. وبغض النظر عن نسبة المعارضين، فلا بد من إعطاء المجال للطرف الآخر. هذا إذا كنا نقول إن القناة لم تشارك بعدتها وعتادها فيما يجري في الشارع العربي. والحال أنها شاركت مشاركة فاعلة، لا كتغطية أحداث كما هو مفترض، وإنما مشاركة كطرف متطفل على العملية السياسية الداخلية.
إن المنافسة ما بين الدول الشقيقة والقنوات الشقيقة لا يجب أن تشعل أتون الأحداث والفوضى في عالمنا المسكين، لمجرد مصالح آنية لا جذور لها في عمق المنظومات الإقليمية والدولية الإستراتيجية الموجودة.
لا شك عندي أن المصداقية الإعلامية لكثير من القنوات لم تعد موجودة، لكن يكفي للمحلل أن يتأكد من إقرار جميع القنوات بالخبر. وأما تفاصيله، فهي دوماً كذبة في كل حرب. وسنتكلم عن مزيد من الخرافات منها كذبة الديمقراطية في المقال القادم، رسالة إلى أوباما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق