فخامة الرئيس باراك حسين أوباما، اسمح لي بمخاطبتك بكنية (أبوحسين) لأن المروءة عندنا تقتضي أن يكنى الإنسان باسم أبيه. حقيقة، قررت أن أوجه رسالتي حول الديمقراطية إلى شخصك لأنك رئيس للقطب الدولي الأظهر ولكونك منتمياً للحزب الديمقراطي، مما يجعل الخطاب معك حول الديمقراطية ضمن صميم أولويات اهتماماتك.
وأصدقك القول يا أباحسين انني لا أؤمن بالديمقراطية كفلسفة في الحكم، لكوني مسلماً موحداً أرى أن حق التشريع هو للخالق فقط وليس حكم الأغلبية. نعم، أؤمن أن من حق الشعوب أن تشارك في سياسة أمورها، ولكن ينبغي ألا يكون ذلك في التشريع بما لم ينزله الله، وأتوقع أنك تتفهم هذه الفكرة لقرب بعض جذورك من مجتمعات مسلمة. ولكن يبقى أن هذا ليس موضوع رسالتي، فلست بصدد دعوتك إلى الإسلام، لأن الله يهدي من يشاء.
وموضوع رسالتي، هو سؤال موجه لك حول دعوى الديمقراطية، وهل الشعب فعلاً هو مصدر السلطات عندكم كديمقراطيين؟ فمثلاً: هل حرب العراق التي خاضها سلفك الأصولي جورج بوش بالتعاون مع توني بلير سلف ديفيد كاميرون كانت نابعة من قرار شعبي؟ أم انهما ضللا الشعب والدولة وخاضا حرباً شخصية ضد صدام حسين؟ ذلك الهجوم كان بدعوى وجود أسلحة دمار شامل، واليوم يطالب بعض البريطانيين بمحاكمة بلير واتهامه بالكذب، ولعل بعض مواطنيكم مهتمون بمحاكمة المتشدد بوش لنفس الأسباب. إن كانت شعوبكم هي منبع قرارات الحرب - ولا أعتقد ذلك - فيجب محاكمتها وأخذ التعويضات منها ومن أموال ضرائبها، وإن لم يكن، فيجب أن يحاكم رؤساؤكم السابقون.
على كلٍ، نحمد الله أن جعل نهاية حاكم العراق على يد أسياده بعد أن آذى بأمرهم العرب والعجم.
ثم يا أبا حسين، هل ترضون بالفعل بنتائج الديمقراطية؟ أم انها عندكم كالنسيئ عند عرب الجاهلية، يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله؟ هل رضيتم بديمقراطية فلسطين عام 2006 حين أفرزت حكومة “إخوان مسلمين” بفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية؟ ألم يصرح بوش حينها أنه يأمل بقاء أبي مازن في الرئاسة ويصرح أنه لا يمكنه التعامل مع حكومة حماس؟
ثم هل رضيتم مؤخراً بفوز حكومة لبنانية معارضة لخططكم في الشرق الأوسط؟ ألم تصرح مصادركم الدبلوماسية رفيعة المستوى بقولها ان “الرئيس الحريري هو الشخص الذي يمكن التعامل معه في توسيع أفق التعاون المشترك، وعملنا معه على إعداد نظام مساعدات مميز للجيش اللبناني والقوى الأمنية، بالإضافة إلى برنامج تطوير كبير ومكلف. وإذا غادر الحكم فهذا ليس أمرا جيدا بالنسبة إلينا لأننا سنفتقد بذلك شريكا أساسيا. ولن نتعامل مع هذا الأمر كأمر واقع قبل أن نرى ما سيحصل بعد انتهاء المشاورات النيابية حول تشكيل الحكومة”؟
ولعلك يا أبا حسين لا تنكر ما حصل عندكم مؤخراً بعد تصريحات الرئيس المصري من هرج ومرج حين خوفكم من استلام الإسلاميين من الإخوان المسلمين سدة الحكم، لقد تغيرت لهجتكم تماماً وصار ديمقراطيوكم يخافون الفوضى المتوقعة في مصر لرحيل رئيسها المفاجئ، مع أنني مازلت لا أرحب بضغوطاتكم على أي دولة لتغيير سياساتها الداخلية، بل أتمنى دوماً أن يكون التغيير من الداخل.
والأعجب من ذلك يا أبا حسين، أن تعلقوا على تصريحات مبعوثكم المؤيدة لمبارك بأنها رأي شخصي. دون أن تعلقوا على أسباب هذه الرؤية أو ما يشاع حول علاقات صاحبكم الاقتصادية بمصر وبالنخبة الحاكمة هناك.
فخامة الرئيس، هل انتبهتم مؤخراً أن للشعب التونسي كرامة وعزة فأخذتم تثنون على عزته وكرامته وانتفاضه على رئيسه الذي صار اليوم حاكماً مخلوعاً، هل يا ترى كان يهددكم أنتم كذلك بسياطه قبل هذا اليوم؟ أم ان ديمقراطيتكم تقتضي التعامل مع الوضع القائم وحسب؟ ألم يكن في إمكانكم وقف التعامل معه بسبب كونه ديكتاتوراً لا يصح أن يمثل مصالح بلده؟ يبدو أنه بالفعل “إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه”.
سؤالي يا أبا حسين حول إيران، أنتم تتعاملون معها بقسوة لعدة أسباب من جملتها أنكم ترونها نظاماً ديكتاتورياً يتجاهل حقوق الإنسان في نظركم، ترى هل كان حليف أميركا الشاه محمد رضا بهلوي رجلاً ديمقراطياً؟
لا أريد أن أسأل أكثر لأن المقام يطول معك حول الديمقراطية، لكن أختم أن أذكرك بشيء يجب ألا تنساه أنت شخصياً، لقد وعدت العالم أجمع بالتغيير، ووجدنا السياسة الخارجية الأميركية لم تتغير أبداً. لقد كنت أنت أيقونة التغيير، ولكن يبدو أن التغيير كان في الانتصار السطحي الظاهري على عنصرية مواطنيكم وإقناعهم بقبول رئيس أسمر البشرة ويبقى أن السياسة الأميركية “ما فيها أحمر أخضر” يا..... “أبو حسين”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق