أبو حسن وهو أحدهم أثار مقالي في هذه الفترة عنده بعض الاعتراض خصوصاً الفقرة الأخيرة التي تقلل من أهمية التغيير السياسي وتركز على المشكل المعيشي كمفتاح لتفريج الاحتقانات. وقد رد على المقال بآخر أطول منه يشرح فيه وجهة نظره.
ركز أبو حسن في مقاله على غياب العدل وما يترتب عليه من آثار على المجتمع، وذكر المجالات التي غاب فيها العدل، إذ يقول “نعم، دعنا نتقصى العدل كمبدأ في بلدنا العزيز. أنبدأ بحال المحاكم في بلدنا، أم في القانون البحريني الذي عفا الدهر عليه وشرب، أم في وضوح الصورة في بلدنا بأن بعض الأشخاص فوق القانون، أم في العدل في التنمية الحضرية، أم في التنمية الاقتصادية، أم في فرص العمل؟”. ويذكر أبوحسن آثار غياب العدل، فيقول: “ضياع فرص استغلال الموارد البشرية والمالية، انتشار روح البغضاء والحسد، غياب الثقة في الأنظمة وعدم احترام القوانين، وانتشار مبدأ البقاء للأقوى”.
وصديقي لا ينكر أن التغيير السياسي قد لا يؤتي ثماره، إلا أنه يؤكد أن أزمة الثقة في إرادة العدل حتمت خروج الناس للمطالبة بما تريده، واقتراح آليات سياسية معينة، بعد أن عجزت في تحقيق آمالها في السنوات الفائتة عبر الآليات الرقابية والتشريعية التي أوجدتها إصلاحات الألفية الجديدة عبر ميثاق العمل الوطني.
وأقول له في هذه العجالة، نعم، لم تثمر لجان التحقيق البرلمانية والوزارية وتقارير ديوان الرقابة في الإصلاح، وربما كان تصريح سمو ولي العهد العفوي يعبر في نفس الاتجاه حين قال بتبرم “لو لم تكن عجلة الإصلاح بطيئة، لما وصلنا إلى ما نحن فيه”. إلا أن المأثور أن نية المؤمن خير من عمله، مع تسليم جميع الأطراف بوجود الخلل والقصور.
أبو محمد وأبو صالح مثل الكثير من البحرينيين كانا يمتدحان سلمية الاحتجاجات، وينتقدان التعاطي الطائفي من قبل وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، ومن بعض المتحدثين الرسميين. وتخوفا من دخول البلاد في المأزق الطائفي بسبب أسلوب التعاطي الخاطئ عبر وسائل الإعلام وتركيزها على أبعاد طائفية مختلقة.
وأقول معهما دون أن أضيف جديداً، إن هذا التعاطي لا يضر طائفة معينة، بل يجعل اللحمة الوطنية والوحدة الإسلامية حطباً للمحرقة السياسية. ولكنني لا ألوم الإعلام بقدر ما ألوم الشخصيات العلمائية التوافقية حين تشترك في توجيه الأزمة السياسية عبر خطاب طائفي خطير يفسد قصة النجاح البحرينية التي ركز عليها وزير خارجيتنا في أكثر من لقاء ومؤتمر صحفي.
أبوهدى وجه رسالة إلى مائدة الحوار يطالب فيها بالتركيز على الدفع نحو دستور متوافق في جميع مواده مع الشريعة الإسلامية، ويخص بالذكر المادة التي تنص على كون الإسلام مصدراً رئيسياً للتشريع، إذ إن عدم الحصر في المصدرية للإسلام، يفتح المجال أمام قوانين مخالفة للشريعة بصورة صريحة وفاقعة دون سقوط دستوريتها.
وإلى المائدة مرة أخرى أبعث جملة من الرسائل المختزلة:
- ملف العمل التجاري: قوانين العمل التجاري عندنا تمنع المواطن الموظف البسيط من امتلاك سجل تجاري، بينما تسمح للخليجي الموظف أن يمتلك سجلاً. وتمنع تأجير السجلات شكلياً، بينما أصحاب المحلات الحقيقيون هم الأجانب. يجب حل هذا الأمر وإعادة البلد ومحلاتها إلى البحرينيين؛ صوناً للاقتصاد الوطني و الأمن الاقتصادي.
- إصلاح القطاع الصحي صار مطلباً عاجلاً؛ لأن مستوى الخدمات وأعداد الأسرة ومدة انتظار المواعيد لم تعد ترعى كرامة الإنسان بأي شكل من الأشكال.
- بحرنة مهنة التعليم التي مازال بعض مرضى البارانويا من المسئولين والإعلاميين يحاربونها، يجب أن تتم في أي تخصص يتوافر فيه خريجون بغض النظر عن الحجج الواهية، والأمر ينطبق على الوظائف الحكومية كافة على الأقل، ويجب أن يجرم أي تنظير أو سلوك يقاوم البحرنة باعتباره خطاباً وسلوكاً عنصرياً.
- التشريع الإسكاني الجائر المرتبط بتحديد سقف دخل الأسرة المستحقة للخدمات الإسكانية والذي لا يراعي أسعار العقارات ولا مستوى التضخم في الاقتصاد.
ويبقى المجال مفتوحاً لمزيد من الرسائل ما دامت دعوات الحوار الوطني مفتوحة، فالوطن يحتاج منا المزيد من الصراحة؛ لمنع أي احتقان مستقبلي، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها، فهي له.
والله من وراء القصد...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق