الأربعاء، 30 مايو 2012

وزارة التربية ... سلامة خالهم






الأربعاء 30 مايو 2012



يقال إن رجلاً من أهل العراق خرج من المحافظة التي يقطنها ليزور أخته في محافظة أخرى، فلما أن بلغ مقصده، أحسنت شقيقته استقباله ووضعت أمامه من موائد الفاكهة ما لذ وطاب. وبينما هو ينظر لتلك الموائد، تفقد أحد الأصناف ولعله المانجو فلم يجده. وهنا قال لأخته مررت في طريقي ببائع فاكهة يبيع من المانجو صنفاً لا مثيل له، حتى تمنيته لأبناء أختي واشتهيته لهم. فقالت له أخته إنه لا داعي لهذه الكلفة فما هم غرباء، فزاد إصراره وقال أبناء أختي يستحقون هذا الصنف الطيب، لقد كدت اشتريه لهم، فأجابت الأخت وفيم العناء، تكفينا زيارتك عن كل فاكهة فهتف محتداً متمسكاً بموقفه كما لو أنه بالفعل قد جلب لهم الفاكهة “خل ياكلون بسلامة خالهم”.
وكما بدا لكم في إصرار الرجل أن أبناء أخته يستحقون الفاكهة كأنه جلب لهم أرطالاً منها لا تعد، تذكرت هذه القصة حين قرأت في نشرة جمعية الرابطة حول السؤال الذي قدمه النائب العطيش إلى وزير التربية والتعليم عن اختبارات التوظيف في وزارته. فهذه الوزارة التي تنتج لنا المخرجات التعليمية التي تعمل على إعدادها إثني عشر عاماً، ثم تتكفل بإبتعاث المتفوقين منها ثم يكون وزيرها ضمن مجلس أمناء الجامعة الوطنية رئيساً لهذا المجلس. إلا أن هذه المخرجات تتقدم لإختبارات التوظيف فيرسبب ثلثا هذه المخرجات في اجتياز هذه الاختبارات.
وبدون شخصنة، فإن وزارة التربية بسياساتها ولا شك تتحمل مثل هذا الإخفاق الكبير الذي يدل على تدني جودة مخرجات مؤسساتها إن صحت نتائج إختبارات التوظيف. فمن اجتاز الإختبارات لمدة 16 عاماً لا يعقل أن لا يكون مؤهلاً لتجاوز اختبارات توظيف الجهة المسئولة عن تأهيله منذ نعومة أظفاره. فبحسب ما ورد في النشرة أن 1335 متقدماً قد اجتازوا الإختبارات من أصل 3040 بحرينياً تنافسوا لنيل الوظائف التعليمية عام 2011-2012. ولذا قامت الوزارة بإبرام 300 عقد جديد مع أجانب وجددت عقود 900 آخرين. أو بمعنى آخر، وبحسب فهمي القاصر، كنا نتمنى توظيف بحرينيين، إلا أنه لم يوجد أكفاء لهذه الوظائف. وحيث أن ثلث الدرجة يعتمد على المقابلة الشخصية، نجح أقل من نصف المتقدمين في الإختبار ككل.
إلا أن النائب علي العطيش في رده على إجابة الوزير قال أن أسئلة المقابلة تحتوي أمثلة من قبيل “ما رأيك في رئيس الجمعية الفلانية؟ هل حضرت التجمع الفلاني؟ هل تؤيد القانون الفلاني؟ لماذا لقبك هكذا؟” والعهدة على النائب العطيش ومن نقل عنه النائب العطيش.
وأقول لسعادة النائب المحترم، أن مثل هذه الأسئلة غير مستغربة، إذا كان عندنا من الكتاب الذين يظهرون على شاشات التلفاز ويقومون بالتنظير حول المؤامرات الحاصلة في التعليم، والمؤامرات الحاصلة في العمل في سوق السمك، والمؤامرات الحاصلة في الإنضمام لسلك المحاماة والمؤامرات الحاصلة في العمل التجاري، وفي التوالد السياسي كما يسمونه، ومؤامرات في التنفس حتى لا يتنفس الشرفاء، وأحب أن أنبه أن هذه الكتابات كانت في 2010 ومثلها في السنوات السابقة إلى ما قبل الألفية. إذا كانت الثقافة التي يعمل المأزومون على نشرها تقوم على هذا الأساس، المأزومون الذين يسمون سنوات الإصلاح بالسنوات السوداء، والسياسات التي ضيعت كل شيء. إذا كانت هذه هي الثقافة التي تبث، فلا تستغرب من هكذا أسئلة عند التوظيف. والله من وراء القصد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق