الأحد 16 سبتمبر 2012
سنضطر للكلام في كثير مما لا يمس ليبيا بشكل مباشر، لنستوضح قراءتنا لما سيجري على ليبيا و ما أسبابه والتوقعات التي توضع على المدى المتوسط و القصير، أي أن نتائج هذه القراءة سيتضح صدقها من عدمه خلال سنة إلى ثلاث سنوات.
ففيما يمر العالم بأزمة اقتصادية عارمة ألقت بظلالها عليه ابتداء منذ عام 2007 و عام 2008 حين تردت أحوال البنوك الإستثمارية الكبرى على خلفية ديون الرهن العقاري الأمريكية التي أعيد تمويلها عن طريق هذه البنوك عن طريق سلسلة من إصدارات السندات المتصل بعضها بالآخر، و حين تعثر المستفيدون من الديون عن دفع أقساطهم تساقطت السندات كحبات الدومينو تجر معها البنوك التي قامت بالإصدار و البنوك التي استثمرت في هذه الإصدارات على حد سواء.
تفجرت بعدها أزمة الديون السيادية داخل الإتحاد الأوروبي و كانت أكثرها إثارة للقلق هي أربع دول: البرتغال، إيرلندا، اليونان و إسبانيا. و قد كان أشدها وطأة و أولها إنفجاراً الحالة اليونانية التي تسارعت دول الإتحاد الأوروبي و فرنسا و ألمانيا بالذات للدعوة لدعم اليونان لإخراجها من المأزق قبل أن تغرق معها جميع دول الإتحاد الأوروبي أو منطقة اليورو.
و بعيد الأزمة و كحل متوقع و لزيادة السيولة في الأسواق، قامت البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة لتنسحب الأموال من الإيداعات التي تصير غير مجدية و تتجه إلى التوظيف في مشاريع و أعمال أكثر ربحية من ناحية، و لتتمكن البلدان والشركات المستدينة من إعادة تمويل ديونها بتكلفة أقل.
من حيث أسعار العملات التي تعكس قوة الإقتصاد فالدولار و اليورو يواصلان الإنخفاض على خلفية هذه الأزمات، و خصوصاً اليورو الذي مازالت هناك مخاوف من انسحاب اليونان اذا عجز الإتحاد الأوروبي من انقاذها مما قد يفتح الباب لإنسحاب آخرين.
إذن فاليورو و الدولار كإقتصادين لن يتحملا أي إرتفاع مفاجئ في أسعار النفط خصوصاً في ظل خطط الإنقاذ التي يتم تنفيذها على مستوى الشركات الكبرى و حتى بعض الحكومات.
النفط مهيأ للإرتفاع بسبب التوتر السياسي و الإستراتيجي في الخليج، فإيران المهددة بضربات من أمريكا و إسرائيل و التي نستثني نفطها من معادلة السعر بسبب العقوبات و المقاطعة الواقعة عليها، قد هددت بسد مضيق هرمز في حال وجود أي تهديدات بحرية لأمنها،مما سيمنع قطعياً تدفق أغلبية نفط الخليج إلى باقي دول العالم، و يؤدي ذلك إلى رفع السعر بشكل جنوني و غير مسبوق. بل حتى لو لم يتم سد المضيق فإن أي حرب قصيرة الأمد ستكون كافية لرفع الأسعار بشكل مؤذ للإقتصادين الأوروبي و الأمريكي.
من هنا تدخل ليبيا كمفتاح لحل هذه المعضلة أمام جيوش دول الناتو التي تقف اقتصاداتها كسد دفاع أمامها، و بمعنى آخر يكون النفط الليبي و تأمينه و توفره هو الحل أمام هذه الحكومات ليقف وزراء المالية و الإقتصاد في نفس اتجاه وزراء الدفاع و الحربية. فليبيا بالإضافة إلى توافر النفط فيها بكميات هائلة غير مستغلة إلى حدها الأقصى فهي كذلك تقع بعيداً عن ساحة المعركة وتمر إمداداتها عبر طرق مختلفة تماماً هي الأقرب إلى أوروبا.
إذن فالمتوقع أن يجري في المستقبل القريب التدخل بشكل أكبر في الداخل الليبي لضبط الأمن من ناحية، و لتأمين إنتاجية أكبر من النفط الليبي لتغطية أي خلخلة تسببها الحرب أو التوترات على ضفتي الخليج العربي و مضيق هرمز. و الأيام كفيلة بتوضيح هذه التوقعات و ربما كان حدث مقتل السفير الأمريكي هناك سبباً مباشراً و بداية لهذا التحرك المتوقع.
آخر الوحي:
لم يعد يذكرني منذ اختلفنا أحد في الحفل
غير الإحتراق
كان حفلاً أمميا إنما قد دعي النفط
و لم يدع العراق
مظفر النواب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق