الأحد، 30 سبتمبر 2012

"الأسكان" و الأسنان







الأحد 30 سبتمبر 2012


أعلم أن همزة الإسكان تكون في الأسفل إلا أنها في الدارجة تكون في الأعلى، ثم ان القافية حكمت أنه لم أستطع أن أنزل همزة الأسنان فأعليت همزة الإسكان. وذكري للقضيتين معاً ليست من قبيل الظرافة ولكن لأن الموضوعين بصراحة يستحقان الكتابة ومطروقان بكثرة، وتجمعهما بعض المشتركات التي تجعل ذكرهما في مقال واحد أبلغ من فصلهما.
الإسكان وهي الخدمة الحكومية التي تنتظرها نصف عوائل الشعب أو أكثر يتشابه عندنا مع طب الأسنان ذو الطوابير الطويلة التي لا تنتهي، فكما ان أمام أي عائلة جديدة تنضم إلى انتظار الخدمة الإسكانية ما يربو على خمسين ألفا من الطلبات، فكذلك هناك طابور طويل أمام المتقدم لعلاج الأسنان في العيادات الحكومية بشكل مبالغ فيه. وكما أن عيادات الأسنان الخاصة والموجهة لذوي الدخل المحدود والمتوسط ربما صارت الأكثر بين جميع تخصصات الطب، فكذلك نجد مشاريع شقق التمليك والوحدات السكنية الصغيرة صارت مجالاً ناجحاً للاستثمار للمواطن الذي لا يجد حلاً سوى الالتحاق بركب المملوكين للبنوك وتحول القرض العقاري من دين ينقض الظهر إلى علامة على كون الإنسان مواطناً.
الإسكان يعدنا في ظرف خمس سنوات أن يجعل مدة انتظار المواطن للخدمة أقل من خمس سنوات، وبعيداً عن أسباب تراكم الطلبات، فإن عدد الطلبات التي تفوق خمسين ألفاً لا تنحصر في الوحدات إنما هناك طلبات قروض وقسائم، وهذه لا تعد مشاريع تحتاج تنفيذ بقدر ما هي تحتاج سيولة للقروض يمكن حلها عن طريق التعاون مع البنوك وتغطية الفوائد عن طريق الدولة وتحتاج تخطيط أراضٍ جديدة وتوزيعها على الطلبات لينحسر جزء كبير من العبء ويبقى عبء المشاريع التي تحتاج أيضاً إلى التسريع خصوصاً مع الوعد بتحويل مدة الانتظار إلى أقل من خمس سنوات.
أما بالنسبة للأسنان فإلى حين تنفيذ الخطط التطويرية التي قدمت الوزارة عرضاً عنها للوزير قبل أسابيع (أقل من ثلاثة أشهر)، فليس من العدل بتاتاً أن يبقى المواطن تحت رحمة طابور الانتظار، لماذا لا تقوم الوزارة بالتنسيق مع عدد من العيادات في كل منطقة لاستقبال المواطنين وتقديم العلاج لهم حتى تصل الخدمة الحكومية إلى المستوى المأمول؟ أو أن تقوم الوزارة بتوفير تأمين صحي للأسنان ولباقي التخصصات التي لا تتمكن حالياً من تغطية الحاجة إليها؟
أما أن نعيد ونكرر قضية أن العلاج مجاني ومجاني ومجاني ثم تكون العيادات الخاصة هي الملجأ، يجب التفكير ألف مرة قبل أن نقول هذا الكلام والعيادات الخاصة يفوق عددها عدد صالونات الحلاقة في كل المناطق. نعم العلاج مجاني وهي نعمة نحمد الله عليها ألف مرة، ولكن طب الأسنان وباستبيان بسيط سنجد أن أكثر الناس لم يعودوا يعرفون ساعات عمل العيادة الحكومية ليأسهم منها.
والإسكان خدمة حكومية لكل المواطنين ولكن هذا كاد يكون حبراً على ورق حين ينتظر المواطن طلبه ليسكن فيه الابن بعد زواجه. فأنا أعرف وغيري يعرف مواطنين لم يصلهم الدور إلا وقد زوجوا أبناءهم أو ألحقوهم بالجامعة أو وجدوا لهم عملاً بسيطا. القضية الإسكانية أشبعت طرحاً ونقاشاً، إلا أن مما يوجع القلب أن تترك قضايا عالقة كهذه لتتفاقم فتخلق أزمات الكل في غنىً عنها. نعم هناك من يتاجر بهموم الناس، صحافي وسياسي، ولكن لماذا يسمح بتوفير رصيد لهم؟ تتحول القضايا الخدمية إلى قضايا سياسية ومن ثم تحتاج حلاً سياسياً.
قيل قديماً ولا أدري مدى صحة المقولة “لا وجع كوجع الضرس ولا هم كهم العرس” والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق