الأحد 23 سبتمبر 2012
منذ سنوات خرج على العالم رسام من الدنمارك برسومات يحاول من خلالها الإساءة إلى منقذنا ومنقذ البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتحركت المشاعر حباً وغيرةً عليه وعلى مقامه في نفوسنا، وما كان أول من يتجرأ على هذا المقام الشريف ولن يكون آخر من يتجرأ، فمعروف أنه من يريد الظهور والشهرة لا يستغني أن يقرن اسمه باسم كتب له الخلود، ولأنه لا يمكن له أن يقترن به وهو دونه مقاماً إلا أن يسيء إليه، وشبهت العرب من يروم ذلك بذلك الذي "وضع برازه" ** في بئر زمزم لعل الناس تعرفه ولو بالسفاهة والحمق.
وهاهو آخر يتجرأ على هذا المقام بفيلم تافه وآخر برسومات مسيئة ولكن عبثاً أن ينال هؤلاء مآربهم لسبب بسيط لا يدركه هؤلاء وينبغي لنا نحن أن ندركه جيداً. فالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مقامه منيع إلى درجة أن التجرؤ عليه يجعل نوره يشع في قلوب كانت تعيش الظلمة سنين طويلة دون أن يقصد المسيئون ذلك. إذ لو كنت أعيش في مكان آخر وعلى عقيدة أخرى وسمعت عن إساءة لنبي الإسلام من شخص على ملتي فسأتساءل عدة تساؤلات منها ألا يخشون أن يتعرض هؤلاء المسلمين لعقيدتنا؟
سيأتي الجواب حينها أن أهل الإسلام لا يمكن أن يسيئوا لنبي آخر، لأنهم يحترمون كل الأنبياء ويعتبرون رسالاتهم والإيمان بها جزءا من عقيدتهم. بمعنى آخر لا يمكن أن يخرج مسلم سفيه فيسب موسى أو عيسى عليهما السلام انتقاما لنبيه. وهذا قد يكون مفهوماً بالنسبة للمسيحي بالذات لأنه يعتبر رسالة المسيح مكملة لرسالة موسى. ولكن ما لا يمكن أن يفهمه أحد هو نهي القرآن عن سب الكافر الذي لا يدعو إلى ديانة سماوية بل يدعو إلى ديانة أرضية. لأن القرآن يدعو إلى عدم سب الذين كفروا فيسبوا الله.
حين أسمع برجل بهذه العظمة وديانة بهذه العظمة فإنني ولاشك اقف احتراماً لهذه الديانة التي أدبت أتباعها ألا يسبوا أحداً حتى ولو كان وثنياً فيسب ذلك الشخص ربهم.
ماهذا الخلق الرفيع الذي يستحيل أن يوجد إلا في شخص تناهى في النبل وعقيدة بلغت أعلى درجات الرقي؟ لاشك حينها أن من يسمع بهذا المستوى الأخلاقي الرفيع ستخلق عنده تساؤلات عدة لن تجد لها أجوبة إلا بمعرفة بهذه الشخصية وبمآثرها وبالعقيدة التي تدعو إليها.
أقول للسياسيين على الضفة الأخرى من العالم الذين يريدون اختلاق أي سبب ليثيروا غضبة المسلمين ليحققوا مآربهم المشبوهة، هيهات، فرغم الغضب الشديد، فتلك الأخلاق في احترام مقدسات المخالف هي من الثوابت التي لا تمس. أما نسبتكم كل ما يسيء الإسلام فهو يجعلنا نتساءل عن أمرين:
أولهما عن الأخلاق التي تربيتم عليها، وثانيهما عن صدق دعواكم حول ما تؤمنون به من الديمقراطية التي باتت عندكم القبول بكل ما يقال حول أديان الآخرين فيما أنتم تسيئون إلى أمتكم قبل غيرها وتثيرون الكراهية لأمتكم التي لم تحمل للآخر إلا اضطهاد عقيدته.
نعم هكذا أدبنا نبينا، ألا نسيء لأحد ولا لعقيدة أحد، فكيف تأدبتم أنتم؟
---------------------------------------
**العبارة الأصلية قبل النشر: الذي بال في بئر زمزم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق