الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

الأمن الغذائي إلى أين؟







الأربعاء 19 سبتمبر 2012


عشنا خلال الشهرين الماضيين أخبارا ووقائع قضايا شحنات اللحوم الفاسدة التي أتتنا كل منها من وادٍ مختلف وكأن الحظ العاثر أو سببا آخر زاد مما يأتينا من اللحم الفاسد. اشتعلت القضية واشتعل معها تقاذف الاتهامات بين الجهات المعنية والمسؤولة عن وصول الشحنات ودخولها إلى البلاد وسمعنا وقرأنا من التصريحات الشيء الكثير التي تحلل الأسباب وتطرح الحلول عبر إثارة قضايا أخرى متعلقة بالقضية الأساسية.
فمما طرح موضوع اللحوم المبردة بديلاً للرؤوس الحية، ومما طرح مسألة الحاصل من احتكار للدعم على الشركة بدلاً من توزيعه على غيرها من مستوردي اللحوم، وأسهبت الصحافة ووسائل الإعلام في تغطية الموضوع حتى وصل إلى المناكفات وتبادل الردود بين مسؤولين من نفس الجهات حول نفس القضايا.
أقول أسهب الجدل حول الموضوع وأعادنا إلى القضية الأساس وهي قضية الأمن الغذائي بصورة عامة والقصور الخطير في تأسيس مقومات وموارد وطنية في هذا المجال المهم والحيوي حتى وصل الوضع إلى هذا السوء. حيث كنا سابقاً نتلقى التطمينات قبل بداية المواسم المهمة كشهر رمضان المبارك والأعياد بتوافر الشحنات الكافية، ثم يصل بنا الحال إلى شح في اللحوم خلال أشهر عادية، يتزامن معه شح في الإنتاج السمكي وربما كانت لتكون الطامة أكبر لو رافقتها أنباء عن أمراض وأوبئة متعلقة بالطيور.
مما لاشك فيه أن العمل في مجال الصناعات الغذائية هو عمل ذو عوائد مجزية لما يترافق معه من طلب لا يصل إلى حد الاكتفاء. لكن المعوقات الموجودة لا يمكن قطعاً تجاوزها بدون توافر دعم للمربين والمستوردين بشكل متكامل وفعال. وحين أقول متكامل فإني أتكلم عن تسهيلات للعمل في هذا المجال بشكل يدفع المزيد من التجار لدخول هذا المجال سواء كمستوردين أو مربين، تكامل يوفر خدماته لهذا المجال كما يوفر مركز خدمات المستثمرين كل التسهيلات اللازمة لعموم النشاطات التجارية في تأسيس الشركات لمزاولة أنشطتها. وحين أقول فعال فأنا أتكلم عن دعم يحقق أهدافه المراد الوصول إليها.
من المشاكل الأولية التي تمس مربي المواشي مشكلة الحصول على أرض يزاولون عليها أنشطتهم ويفعلون منها سجلاتهم ويحصلون على احتياجاتهم من الكهرباء والماء وجلب العمال. كيف لا ونحن نشاهد حظائر الماشية تضيق عليها السبل وتلاحقها الشكاوى للخروج من المناطق التي أقيمت فيها دون بديل مناسب ويعمل كثير كهواة يتعامل في السوق المحلي بيعاً وشراء بسبب ضيق الإمكانات دون أن يستطيع تحقيق فكرة الاستيراد من الخارج.
هل تعجز الدولة عن رعاية حقيقية للمجال الزراعي تبدأ من توفير الأراضي للمربين، ليشعر العاملون بهذا المجال بالجهد المبذول في توفير الأعلاف والأدوية وباقي الخدمات؟
الدعم الحقيقي الذي من الممكن أن يخلق أمناً غذائياً لا يمكن أن يقتصر على مبلغ يخفض تكلفة الموردين لينخفض السعر على المستهلك، الدعم يتمثل في أن نأخذ موضوع الثروة الحيوانية بجدية لتكون رافداً يغطي نسبة كبيرة من احتياج السوق، الموضوع يحتاج استراتيجية متكاملة جادة ودعماً لجهود كل من يريد أن يحقق الأمن الغذائي سواء عبر الاستيراد أو عبر الإنتاج المحلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق