الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

انتخابات جامعية (2)











في الوقت الذي بدأت أنتبه لدخول الأحزاب واحداً واحداً إلى انتخابات الجامعة للمرة الأولى، علمت أن الصراع النيابي والبلدي مستقبلاً سيكون كأشرس ما يكون. فهذه إحدى المترشحات يربطها نسب برئيس إحدى الجمعيات اليسارية آنذاك، وهذا المرشح مدعوم من جمعية إسلامية معروفة، وبين هذا وذاك كان حضور مستقل على استحياء. الجانب اللطيف أن الإدارة لم تحتج إلى موضوع المراكز العامة أو تعرض موضوع التصويت الإلكتروني. كذلك كان هناك تقدم من ناحية ديناميكية هيكل الدائرة الانتخابية. حيث كان عدد المقاعد المخصصة لبعض الكليات يتغير من سنة لسنة بسب طلاب الكلية، حيث كان المقياس آنذاك أن كل ألف طالب يمثلهم ممثل منتخب واحد، لذا وصل عدد مقاعد كلية الإدارة من 3 إلى 4 في بعض السنوات اللاحقة.
في طور الإعداد للانتخابات، تلقيت دعوة من هيئة الإعلام في الجامعة على ما أذكر، للمشاركة في برنامج تلفزيوني حواري يتعلق بانتخابات الجامعة. وأذكر ان من ضمن الأسئلة وقتها سؤال عن سلاح الإشاعة، وهل تم استخدامه في الانتخابات أو لم يحدث بعد. هنا أجبت مقدم البرنامج الذي كان بالمناسبة الأخ محمد درويش، لا بد انه حتى ولو استخدم فأن لا نقوم بإسداء خدمة لصاحب الإشاعة بالكلام عنها في برنامج تلفزيوني بما قد يضر بكل المترشحين بما فيهم أنا. وكانت الإشاعة السارية آنذاك هي إشاعة دخول الجمعية على خط الانتخابات، وهذا ما حدث بالفعل وإن لم يكن واضحاً كالسنوات التالية.
نجد أن سلاح الإشاعة كثير الاستخدام، كما حدث في الانتخابات النيابية المنصرمة 2010، فالكلام عن المطبخ السري والتأكيد عليه، لم يكن أكثر من استخدام تكنيك “أنتم مستهدفون” للتحكم في العقل والذي تكلمنا عنه في مقال “التحكم بالعقل”. فلا أظن من تكلم عن المطابخ السرية يشكك اليوم في نزاهة انتخابات أسفرت عن فوزه الكاسح حسب تعبير بعض الصحف.
في اليوم الموعود بدت الصورة بوضوح، كانت ماكينتنا الانتخابية تعمل بجد للتأكيد على تحميس الناخبين للإدلاء بأصواتهم. عادة في هذا اليوم تبدو النتيجة للعيان قبل أن تظهر، لكن يوم الانتخابات كان استثنائيا فهو باعتباره يوم ثلاثاء، فقد استقطب حضوراً أقل من أيام السبت والإثنين والأربعاء آنذاك، رغم أن هناك من تجشم عناء الذهاب للصخير في ذلك اليوم للتصويت لنا وحسب. وفي ظهر ذلك اليوم، أخذت أتجاذب أطراف الحديث مع أقرب المنافسين خبرة واستقلالية وعلاقة، وظللنا نمشي حتى استقر بنا المقام في بهو التسجيل. أكدت حينها على أمر، انني وإياه لم نكن حزبيين وان هذا ما سوف يمنعنا من الوصول بكل تأكيد للمجلس. وصارحته أنني رأيت من الوقائع واستلمت من الإشارات ما يؤكد دخول أحزاب في الانتخابات الطلابية.
مساء يوم الانتخابات انسحبت وفريقي بهدوء بعد تهنئة الفائزين، وقمنا بإزالة كل إعلاناتنا في نفس الوقت، التي حرصنا منذ أول يوم أن تكون في أماكن مأهولة دائماً وطرقا مسلوكة دوماً ليصعب تمزيقها كما يحدث عادة في الانتخابات.
أحسبنا استفدنا الكثير من هذه التجربة وإسقاطاتها على المستوى العملي، ورغم عدم واقعية العمل بهذه الطريقة، إلا ان العمل في السياسة بأسلوب حزبي وفئوي ضيق يأتي بأسوأ النتائج على المستوى الأخلاقي للفرد والمجتمع، وأول ما ينساه الإنسان حينها أن “يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه” وأن “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده” وكثيراً من المبادئ التي ينساها طلاب الدنيا وعشاق الكراسي.
آخر الوحي:
بالنظر إلى التظلم من وجود المراكز العامة، نجد بعض الماكينات الانتخابية تستخدم مراكز خاصة خارج المراكز الفرعية لتسجيل اصوات الناخبين قبل دخولهم. هذا الأسلوب لا يرصد الأصوات وحسب، وإنما يخلق بالإضافة إلى تكنيكات أخرى ضغطاً على الناخبين في اختيار مرشح محدد ويحد من حريتهم بشكل واضح، وهذا ما لا يحصل في المراكز العامة. ودون دفاع عن هذه المراكز ولا تشكيك فيها، أقول أن من يرفض وجود باب للهواجس التي تخالج الناخب، يجب عليه أن يكون أول مدافع عن حرية رأي الناخب ونزاهة العملية الانتخابية بشكل تام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق