السبت، 16 أكتوبر 2010

الورقة بدلاً من الرصاصة







الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن قال كلمة سجلها التاريخ وأرسلها مثلاً وهي “الورقة أقوى من الرصاصة”. ولكن هل يعقل أن تكون الورقة أبلغ أثراً وأقوى من الرصاصة، خصوصاً وأن عندنا مثلاً عربياً في صورة أبيات شعر قد يناقض هذا المعنى، فأبوتمام يقول:

السيف أصدق إنباء من الكتب * في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف * في متونهن جلاء الشك والريب

هل هذا هو الفرق ما بين المنطق العربي والمنطق الديموقراطي؟ أم هل هو الفرق بين المنطق القديم والمنطق الحديث؟ وكيف تكون الورقة أقوى من الرصاصة في المنطق الديموقراطي؟ المثل بصورته الحرفية “the ballot stronger than bullet” وكلمة ballot لا يعني الورقة وإنما يعني ورقة التصويت في الانتخابات. والحال أن ورقة التصويت في الغرب صارت بلا شك أقوى من الرصاصة ومن شتى الأسلحة. فالمجتمع الأوروبي والغربي في تطوره كسائر الشعوب قرر وضع آلية لتغيير صورة الصراع على الحكم من القتال بين فئات الشعب بالبندقية. واستقر رأيه على آلية الاختيار بالتصويت كبديل، حقناً للدماء والأموال وحفاظاً على الدولة من الزوال بفعل الحروب والمعارك فصارت الورقة أقوى.

ولا شك أن طريقة الاختيار للحاكم بالتصويت هي أفضل من الاختيار بالقتال وسفك الدماء وانتزاع الأرواح، ولكن هل الأوراق الانتخابية في الانتخابات البحرينية المقبلة أو السابقة تمثل بديلاً للرصاص؟

نجيب على عدة محاور:

المحور الأول:

نظرية الحكم في الثقافة الإسلامية ليست مبنية على الصراع، وإنما هي مبنية على المحبة والتعاون والتراحم والتكافل. معنى هذا أن الصراع غير موجود أساساً، فليس من مكان للرصاصة ابتداءً لتستبدل بالورقة.

المحور الثاني:

نظام الانتخابات في البحرين لا يؤهل الفائز بالكتلة الأكبر لتكوين الحكومة والخاسر ليصير معارضة. وإنما يؤهل الفائز للحصول على دور في العملية التشريعية ضمن منظومة تتكون من مجلس منتخب ومجلس معين ومحكمة دستورية بالإضافة إلى الدور الحكومي في وضع القوانين قبل إقرارها أو تعديلها من المجلسين. من جديد، لا مكان للرصاصة الغربية هنا، حيث نظام الحكم ليس على المحك هنا أيضاً.

المحور الثالث:

المصالح ومكتسبات الدخول في البرلمان، هل الداخل إلى البرلمان يمكنه الاستئثار بالمنافع من تشريع وخدمات له ولناخبيه دون غيرهم؟ إذا كان بالإمكان ذلك فإن الانتخابات تتحول إلى صراع بالفعل وتتحول الأصوات إلى رصاصات موجهة إلى المنافسين. هنا يقول ميثاق العمل الوطني في فصله الأول ومادته الأولى والثانية، كما ينص الدستور المعدل 2002 في بابه الثالث ومادته الثامنة عشر أنه “يتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”. وهذا مؤداه أن لا تفاوت في هذه المنافع ولا استئثار لفئة على فئة”.

المحور الرابع:

الدفاع عن الثوابت الوطنية التي تم الاتفاق عليها في ميثاق العمل الوطني على صورة قيم ومقومات ثابتة لا يجوز الخروج عليها وتجاوزها وهي منطلقات العقيدة الإسلامية السمحاء والانتماء العربي الأصيل والمقومات التالية:

·     أهداف الحكم من صيانة البلاد، ورفعة شأن الدولة، والحفاظ على الوحدة الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها والعدل والمساواة وسيادة القانون والحرية والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين.

·     كفالة الحريات الشخصية.

·     حرية العقيدة

·     حرية التعبير والنشر

·     نشاط المجتمع المدني وحريته

·     الأسرة أساس المجتمع

·     العمل واجب وحق

·     التعليم والثقافة والعلوم

حين تصير الثوابت على المحك، هل تتحول ورقة التصويت إلى رصاصة، أقول نعم، تصير الورقة أقوى من الرصاصة لحماية مقدسات وثوابت الوطن، لإبعاد كل ما يهدد مقومات هذا الوطن. من هذا المنطلق، قد تصير هذه الورقة سلاحاً موجهاً للدفاع ودرء المفاسد رغم أن النظرية في المجتمع الإسلامي لا تقوم على الصراع.

التوجهات اللادينية التي تهدف لضرب العقيدة، الأفكار الهدامة، الظواهر المنحرفة، التمييز بين المواطنين، تجهيل المجتمع، استعباد وتجارة البشر، استغلال الناشئة، الفقر المدقع. كل هذه المفاهيم الفاسدة وغيرها، تجعل الورقة رصاصة، والصوت أمانة، والمشاركة حقاً وواجباً أصيلاً لم ولن يتغير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق