في عام 2001 على ما أذكر نظمت جامعة البحرين أول انتخابات طلابية، وكان لي بعض الذكريات والتجارب الجميلة والمفيدة، خصوصاً أني ترشحت وقتها عن كلية إدارة الأعمال. الطريف في الأمر انني الآن بعد عشر سنوات تقريبا من التجربة أكاد أرى كل ما مررت به في انتخابات الجامعة يحصل عى ساحة الانتخابات البرلمانية والساحة السياسية بشكل عام. ويتهيأ لي أن معظم الأطراف السياسية قد اتخذت للأسف من انتخابات الجامعة وقتها ساحة تدريب لنزالات 2002 وما بعدها.
كان في هذه السنة دخول الجمعيات السياسية على الخط الطلابي غير ظاهر بهذا الأسلوب الفج والواضح الحاصل في أيامنا هذه، إلا أن التجربة التي كانت في بدايتها بدا فيها دخول الأطراف المذكورة على الخط بشكل حذر يراه المتأمل عن قرب.
للوهلة الأولى، بعد ترشحي، جاءني أحد الزملاء الأعزاء، ولي به صلة نسب وطلب مني أن أكتم مشاعري تجاه أي شيء أراه وألا أغضب أو أتسرع. ثم مشى معي لأحد الصفوف. في هذا الصف كان يعقد مؤتمر صحفي أو ماشابه، يديره الطلبة الذين كانوا على رأس مشروع الاتحاد الطلابي والذي تمخض عن استجابة الجامعة بتشكيل مجلس الطلبة أو الصيغة التمثيلية التي أساسها الانتخاب كما عبر عنها آنذاك.
وبدأ المؤتمر بالكلام عن المشروع القادم من إدارة الجامعة والذي جاء “مشوهاً، جنيناً ميتاً، معوقاً” ودون كل الطموحات، فمن عيوبه الكثيرة وجود أعضاء بالتعيين بحكم مواقعهم كرؤساء للنوادي وجمعيات الكليات.
وهنا تكلم المتحدث عن الموقف المرتقب والسيناريوهات المحتملة، فيقول بالمعنى: صرنا بين ثلاثة خيارات، إما أن نقاطع، فنفسح المجال للمتسلقين ليواصلوا تشويه المشروع. وإما أن نداهن ونساير، وهذا ما تأباه أنفسنا. وإما أن ندخل للتغيير من الداخل وللحفاظ على التجربة والمشروع. وقد اخترنا الخيار الثالث مع احتفاظنا بحقنا في الانسحاب عندما لا نجد التعاطي في المستوى الذي يبعث الأمل بالتغيير.
هنا قام أحد الطلبة وقال لهم، إن هذا الخيار هو نوع من الخنوع والتنازل. فأجابوه أنهم ماضون في المشروع، وإن كانوا يتوقعون أن يضطروا لإسقاط المجلس بالانسحاب الجماعي منه في وقت من الأوقات.
انتهى المؤتمر وخرجت، حادثت قريبي وقلت له بالمعنى، إن هذا العبث لا يمكنني التعاطي معه، والسير في سياق تحزيب الطلبة.
وبعد أن تقدمت للترشح، وكان ترشحي مبكراً بالنسبة للبعض الذين آثروا حينها تأخير الترشح حتى تتضح الحسابات على أرض الواقع. أقول للوهلة الأولى جاءني اثنان من الزملاء الاعزاء أحدهما صديق عزيز وأخ كريم، وعرضا علي الدعم، فلما سألتهما عن الجهة، فكانت الإجابة أن الجمعية تعرض دعمها عليك.
أجبتهما حينها أنني أفضل أن أدخل مستقلاً لئلا أكون مسؤولاً عن أجندة قد أختلف معها، ابتسم الأخوان وقال أحدهما لي “الجمعية لا تريد منك شيئاً، الجمعية ستعطيك أصواتاً” وهنا كررت جوابي أنني سأدخل مستقلاً وشكرتهما على العرض السخي.
الحال ان هذا الكلام كان قبل إجازة نهاية الأسبوع، وفي أول يوم بعد الإجازة رأيت نفس المجموعة وهي تحمل ملصقات المرشح الذي وقع عليه الاختيار بعد جس نبضي الذي لم يكن حزبياً بما يكفي.
بعد هذه الحوادث والكواليس، أيقنت أن جزءاً مما أخشاه قد شهدته بعيني، وأن هناك ولا شك كواليس مقابلة، تجلت بعض أجزائها فيما بعد. وصرت في موقع مكنني من التنبؤ بما سيحدث على الساحة المناظرة لها خارج الجامعة، حيث لعب الكبار، رغم عدم فوزي في الانتخابات حينها. وكما يقول الجواهري:
كشفت بأمس وجه غد تليد تمطت عنه قافية شرود
كزرقاء اليمامة حين جلى مصائر قومها بصر حديد
واستذكرت كلام أحد دكاترة الجامعة الأجانب، حين سأل عما يحدث، فأجبته أنها الانتخابات الطلابية، فقال بما يشبه الحوقلة، إنها بداية المشاكل. تعجبت منه وسألته عن أي مشاكل يتحدث بسبب مجلس محدود الصلاحيات وقد يكون شكلياً في مراحل ما. أجابني حينها وكم كان صادقاً: إنه يبدأ شكلياً ويتمخض عن مشاكل لا تنتهي.
اليوم أستذكر كل ذلك وأمقت الحزبية والتحزب أكثر وأكثر، وأتمنى للبحرين وأهلها كل الخير والتوفيق في انتخاباتها القادمة، ودورتها البرلمانية الجديدة.
أتفق معك أخ محمود ، فالتحزب برأيي يطوق الأشخاص ويفرض شروط ربما لا يرضاها المرشح ..وكان تصرفك هو الصحيح بالنسبة لي
ردحذفبرأيي، في نطاق الجامعة، أفضل أن أصوت لمرشح مستقل يعدنا ببنود واقعية على أن أصوت لمرشح تدعمه جهة سياسية أو خارجية لمجرد وجوده في هذا الحزب.
لا أقاطع الأحزاب بتاتا، ولكن دعم المؤسسات لمرشح معين يفرض ضغط على الفئة المجتمعية .. وربما يؤدي إلى انقسامات طائفية وسياسية ..
ولا أعتقد أن الهدف من مجلس الطلبة هو خلق المزيد من المشاكل بل حلها ..
:) وشكرا ..
أخ محمود .. المستقل وغير المستقل يحاولون شق الطريق للفوز , المستقل بما لا شك فيه ليس أفضل من المدعوم من قبل جمعية أو مؤسسة و العكس صحيح .
ردحذفومن وجهة نظري أبحث عن المرشح الذي أرى انه كفؤ , ولديه المؤهلات , والذي سوف يدعم طائفتي سواء كان مستقل أو غير ذلك .